أوروبا بين ضغوط الإدارة الأميركية وخسارة أوراقها التفاوضية

تفعيل "سناب-باك" وضع أوروبا في موقف ضعيف في ظل إصرار إيران على حقوقها المشروعة ورفض تقديم التنازلات.. الكرة الآن في ملعب إيران بين التصعيد المحسوب أو التريّث الدبلوماسي.

  • أوروبا بين ضغوط الإدارة الأميركية وخسارة أوراقها التفاوضية
    أوروبا بين ضغوط الإدارة الأميركية وخسارة أوراقها التفاوضية (الميادين نت)

كما كان متوقعاً، تمّ تفعيل آلية "سناب-باك" من قبل "الترويكا" الأوروبية في مجلس الأمن الدولي، وفشلت محاولات روسيا والصين لتمديد مدّتها. الإيرانيون رفضوا تقديم تنازلاتٍ إضافية مقابل التمديد، لأنّ مُجرّد القبول يُعدّ اعترافاً بالآلية.

الأوروبيون كانوا أمام خيارين لا ثالث لهما: إمّا اتباع مسار دبلوماسي عبر طرح ملفات لم تقبلها طهران، مثل قضية الصواريخ، أو المضيّ في تفعيل الآلية، وهو ما يؤدي عملياً إلى فقدانهم أيّ ورقة ضغط مستقبلية.

اختيار الخيار الثاني وتفعيل آلية "الزناد" تقرأه طهران على أنّه انصياع أوروبي للمطالب الأميركية، وأنّ الأوروبيين ضحّوا بمصالحهم لصالح واشنطن، بل وانتقلوا من موقع الشريك الاستراتيجي إلى موقع الأداة في يد الولايات المتحدة.

في هذا السياق قال الرئيس الإيراني: "إذا كان علينا أن نختار بين مطلبهم غير المنطقي وبين السناب-باك فسوف نختار السناب-باك ونتجاوز كل مشاكلنا رغم وجوده". كما صرّح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقتشي أنّ "الولايات المتحدة خانت الدبلوماسية، وأنّ الترويكا الأوروبية قامت بدفنها".

من وجهة نظر كثير من المسؤولين الإيرانيين، فإنّ عدم تمديد آلية "الزناد" لم يكن حدثاً سلبياً؛ إذ كان سيضع إيران في حالة تعليق لـ6 أشهر مع بقاء هذه الأداة مسلطة فوق رأسها، ثمّ الدخول مجدّداً في مفاوضات وتقديم تنازلات إضافية للطرف المقابل.

وبعبارةٍ أخرى، فإنّ تمديد "سناب-باك" أخطر من تفعيله. وبذلك تكون أوروبا قد استخدمت كل ما لديها من أوراق ضغط، بينما يترقّب الجميع ردّ الفعل الإيراني.

النقاشات بدأت بالفعل داخل الأوساط السياسية والأكاديمية في طهران، وتتراوح الآراء بين من يدعو إلى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي باعتباره الردّ الأكثر جدية لردع الضغوط، وبين من يرى أن خطوة تفعيل "سناب-باك" ذات طابع سياسي أكثر مما هي عملية، وأن انعكاساتها على الاقتصاد والبرنامج النووي محدودة؛ لذلك لا حاجة إلى قرارات تصعيدية في ظلّ الظروف الراهنة.

وهناك أيضاً من يطرح خياراً وسطاً هو الاستمرار في تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو توسيع الأنشطة النووية المدنية والعلمية بشكلٍ تدريجي من دون الوصول إلى حدّ الانسحاب من المعاهدة.

المشهد، إذاً، مفتوحٌ على احتمالات مُتعددة، لكنّ ما يتفق عليه المراقبون هو أنّ أوروبا، بفعلها الأخير، خسرت ما تبقّى لها من نفوذ تفاوضي، وأنّ الكرة باتت الآن في ملعب طهران لتحديد مسار المرحلة المقبلة بين التصعيد المحسوب أو التريّث بانتظار تغيّر الظروف الدولية.

اقرأ أيضاً: عراقتشي: إجراءات الترويكا لتفعيل "سناب باك" مدمرة وتخريبية وستضر بمكانة أوروبا

اخترنا لك