سوريا: تعطل الخدمات والمدارس... أهالي الحسكة يعيشون أوضاعاً صعبة

في ظل تعطل الإدارات العامة والمدارس والخدمات الأساسية وعدم صرف الرواتب في الحسكة شمال شرق سوريا، يعيش أهالي المحافظة واقعاً صعباً في انتظار استكمال المفاوضات حول الاتفاق بين قسد والإدارة السورية الجديدة.

  • سوريا: تعطل الخدمات والمدارس... أهالي الحسكة يعيشون أوضاعاً صعبة
    سوريا: تعطل الخدمات والمدارس... أهالي الحسكة يعيشون أوضاعاً صعبة

تعيش محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا أوضاعاً إنسانية وخدمية صعبة، نتيجة تعطل العمل في الدوائر الحكومية منذ سقوط نظام بشار الأسد. يأتي ذلك في ظل غموض حول تطبيق اتفاق 10 آذار/مارس بين الحكومة السورية وقوات "قسد"، والذي يهدف إلى تحديد مستقبل إدارة المنطقة. بينما تسعى دمشق إلى حكم مركزي، يطالب الكرد بنظام لا مركزي مع تبعية سياسية للعاصمة.

بداية الأزمة الخدمية

بدأت ملامح الأزمة تظهر مع سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي، عندما سيطرت "الإدارة الذاتية" على المربعين الأمنيين في الحسكة والقامشلي، اللذين كانا تحت إدارة النظام السوري. أدى ذلك إلى تعطل الخدمات الحكومية، بما في ذلك التعليم والمصارف والهجرة والجوازات والأحوال المدنية والمحاكم والبريد والنقل، مما عزل المحافظة إدارياً عن باقي المناطق.

أزمة التعليم

ألغت "الإدارة الذاتية" التعليم الحكومي في مناطق سيطرتها، لكن المدارس الحكومية في المربعين الأمنيين كانت توفر التعليم لأكثر من 160 ألف طالب وطالبة. ومع سقوط النظام، توقف العمل في هذه المدارس، وتتبادل وزارة التربية السورية و"هيئة التعليم في الإدارة الذاتية" الاتهامات حول سبب التعطيل. كما طلبت وزارة التربية من طلاب الشهادات العامة (البكالوريا والتاسع) نقل ملفاتهم إلى محافظات أخرى بسبب تعذر إجراء الامتحانات، مما زاد من معاناة الأهالي، حيث سيشمل القرار 25 ألف طالب، في ظل تكلفة عالية للانتقال والسكن في محافظة أخرى.

اقرأ أيضاً: مصير 160 ألف طالب في الحسكة مجهول.. المدارس مغلقة حتى إشعار آخر

موظفون بلا رواتب

  • الحركة التجارية في الحسكة شهدت تراجعاً بسبب توقف صرف الرواتب للموظفين منذ سقوط النظام
    الحركة التجارية في الحسكة شهدت تراجعاً بسبب توقف صرف الرواتب للموظفين منذ سقوط النظام

سلمت محافظة الحسكة، حتى الآن، من التسريح التعسفي للموظفين الذي مارسته الإدارة الجديدة في المحافظات الأخرى، لكن غالبية موظفي الحسكة لم يتلقوا رواتبهم منذ سقوط النظام، بسبب تعطل عمل المصارف الحكومية. ويُقدَّر عدد المتأثرين بأكثر من 150 ألف موظف، بما فيهم المتقاعدين، مما أدى إلى ركود اقتصادي وشلل في الأسواق.

ومع ذلك، بدأت بوادر أمل تظهر مع إعلان مصادر حكومية عن استعداد دمشق لصرف الرواتب بشكل تدريجي قبل نهاية شهر رمضان.

أزمة المياه

يعاني أهالي الحسكة وريفها من انقطاع المياه منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، رغم الآمال التي علقت على حل المشكلة بعد سقوط النظام. خاصة بعد إعلان تبعية منطقتي رأس العين وتل أبيض لحكومة تصريف الأعمال في دمشق، ما يعني إمكانية تحكمها في ملف انقطاع المياه، ونزع الذريعة السابقة بوجود خلافات وصراعات داخلية.

ومع اقتراب فصل الصيف وارتفاع الطلب على المياه، تتفاقم المعاناة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف شراء المياه.

الحسكة رهن المفاوضات

  • سوريا: تعطل الخدمات والمدارس... أهالي الحسكة يعيشون أوضاعاً صعبة
    الإدارة السورية الجديدة أمام اختبار جديد لجدية تطبيق اتفاقها مع قسد وتمثيل المكونات

لم يكن طلب وزارة التربية في حكومة تصريف الأعمال السورية، من طلاب الشهادات العامة المقررة بعد نحو ثلاثة أشهر، المضي في تقديم طلبات نقل إلى خارج محافظة الحسكة، إلا مؤشراً على الفترة الطويلة التي يحتاجها الاتفاق الاخير من المفاوضات مع "الإدارة الذاتية" الكردية، في ظل وجود تداخلات إقليمية ودولية في هذا الملف، مع استمرار الوساطة الفرنسية الأميركية المتواصلة بين الجانبين بهدف ردم هوة الخلافات والتوصل لحلول جذرية للخلافات بينهما، مع مراعاة الهواجس الأمنية التركية، وهو ما سيكون مفصلياً في نجاح الاتفاق من عدمه.

وتؤكد مصادر مطلعة للميادين نت، أن "الوساطة الفرنسية تجددت لعقد لقاء جديد وواسع بين ممثلين رفيعي المستوى من الإدارة السورية الجديدة مع أقرانهم في قسد والإدارة الذاتية، لبحث ملف دمج الاخيرتين في السلطات الحكومية السورية، وتنظيم زيارة وفد كردي موحد إلى دمشق بعد الاتفاق الأخير".

ولفتت المصادر إلى أن "الأميركيين يضغطون على الحكومة السورية الحالية للتخلي عن سياسة تعيينات اللون الواحد والتي ظهرت في اللجان التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني وصياغة الإعلان الدستوري، والمخاوف من أن تشمل الحكومة المرتقبة أيضاً، وتوسيع دائرة التمثيل لتشمل كل مكونات الشعب السوري".

ورأت المصادر، أن "الإدارة الذاتية بالمقابل تلقت وعوداً بإشراكها في الحكم مقابل الاندماج في مؤسسات الدولة السورية العسكرية والمدنية"، مشيرة إلى أن "مشكلة سلاحها ستحل عبر دمج هذا السلاح في الجيش السوري، ليصبح ملكاً للدولة السورية بدلاً من نزعه".

واعتبرت المصادر "أن الإدارة السورية أمام اختبار جديد لجدية تطبيق اتفاقها مع قسد وتمثيل المكونات، من خلال الإعلان المرتقب للحكومة السورية التي يفترض أنها ستمثل النهج الجديد للإدارة الجديدة في الشراكة مع بقية مكونات المجتمع السوري"، مشيرة إلى أن "هناك ترقباً من الجميع حول جدية دمشق في تطبيق وعودها في هذا الملف".

اقرأ أيضاً: احتجاجات في الحسكة ضد الإعلان الدستوري للسلطة الانتقالية في سوريا

مستقبل غير واضح

تُعتبر الحسكة نموذجاً للأزمة السورية المعقدة، حيث تتداخل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية. بينما ينتظر الأهالي حلولاً سريعة، تبقى المنطقة رهينة المفاوضات بين الأطراف المحلية والدولية، مع استمرار المعاناة اليومية للسكان.

اخترنا لك