النساء في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. أبعد من الترشح والتصويت

في الأجواء المشحونة بالحماس السياسي التي تسود خلال المواسم الانتخابية، تؤدي النساء دوراً حيوياً لا غنى عنه في تعزيز النزاهة والشفافية في العمليات الانتخابية.

  • النساء في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. أبعد من الترشح والتصويت
    النساء في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. أبعد من الترشّح والتصويت

تُظهر النساء الإيرانيات مشاركة عالية في الانتخابات خصوصاً الرئاسية، انطلاقاً من رغبتهنّ القوية في المشاركة والتأثير في القرارات السياسية. وفي الانتخابات الرئاسية الجارية ترشّحت أربع نساء لهذا المنصب، هنّ زهرة إلهیان وحمیدة زرآبادي وهاجر تشناراني ورفعت بیات، جميعهنّ شغلن سابقاً مناصب نواب في البرلمان الإيراني.

إحداث الفارق

تشارك العديد من النساء في تنظيم الحملات الانتخابية للمرشحين وتشجيع المواطنين على التصويت. فرشته خورشيدي، وهي طبيبة؛ توضح للميادين نت أنه "لو تُسلّط  وسائل الإعلام الغربية الضوء على مقارّ الحملات الانتخابية للمرشّحين؛ سيرى العالم الغربي أنها الأكثر نشاطاً في تلك المقارّ، وهنّ اللواتي ينظّمن حملات انتخابية بشكل طوعي، ولديهنّ أنشطة إعلامية وذات محتوى، ويشجّعن الناس على المشاركة في الانتخابات. تلك المشاركة النسائية التي تتجاوز الحواجز الطبقية والفكرية وتدلّ على ديناميكية وحيوية نشاطهن".

وتساهم المرأة الإيرانية في تشكيل الرأي العام وتعبئة الناخبين من خلال العمل في الأحزاب والقوى السياسية أو المنظّمات غير الحكومية أو الظهور في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. ففي هذه الانتخابات، حظيت بنات المرشّحين بفرصة عرض تجارب آبائهن الشخصية والاجتماعية عبر التلفزيون الرسمي، حيث جذبن أنظار الملايين من المتابعين، ولا سيما النساء.

زينب زاكاني، ابنة المرشّح علي رضا زاكاني، تناولت كيف أنّ والدها لم يكن يملك منزلاً، وعاش في منزل بالإيجار لمدة 20 عاماً، وأحياناً كان يعمل كسائق سيارة أجرة لتأمين مصاريف العائلة، برغم أنه كان مسؤولاً عسكرياً وخبير متفجّرات خلال الحرب. فجذبت هذه التصريحات اهتمام المتابعين.

زهرا بزشکیان، ابنة المرشح مسعود بزشکیان، تحدّثت عن والدها أيضاً بأنه كان بمثابة الأب والأم لها، بعد أن فقدت والدتها منذ 32 عاماً، ولم يتزوج والدها بعد وفاة زوجته تكريماً لحبّه لها، وكيف أنه كرّس وقته لرعاية أبنائه، على الرغم من مسؤولياته كطبيب متخصص في جراحة القلب ونشاطه في الحياة السياسية، وصولاً إلى تولّيه منصب وزير الصحة وعضوية البرلمان لثلاث دورات.

أما مريم قاليباف، ابنة المرشح محمد باقر قاليباف، فقد تحدّثت عن كيفية تفاني والدها في عمله، إذ يغادر البيت قبل صلاة الصبح ولا يعود إلا في وقت متأخر من الليل، ويغيب عن المنزل يومين في الأسبوع. كما دافعت عن والدها ضد الشائعات التي انتشرت حول سفرها إلى تركيا لشراء ملابس لمولودها، وهو ما عُدّ بذخاً لعائلة قاليباف، الذي عرف عنه تاريخ طويل في خدمة البلاد، كقائد عسكري في الحرب، إلى العمل في وحدة الصواريخ في القوة الجوية، ثم رئيساً لقوات الشرطة، ورئيساً لبلدية طهران، وأخيراً رئيساً للبرلمان.

إلهة عطائي، وهي من أعضاء مقر الحملة الانتخابية للمرشح قاليباف تقول للميادين نت إن "مشاركة النساء في المجالات السياسية وخاصة الانتخابات تُعدّ تحقيقاً لإحدى أهم حقوقهن الاجتماعية والسياسية، على عكس النظرة الغربية تجاه المرأة التي تعدّها مجرد أداة". 

ناعمة علي ‌نجاد، مسؤولة لجنة الطلاب في مقر الحملة الانتخابية للمرشح مسعود پزشکیان تقول للميادين نت: "على النقيض من الدعاية التي تروّج لها وسائل الإعلام الغربية حول عدم مشاركة الناس، وخصوصاً النساء في صناديق الاقتراع، أعتقد أن المشاركة ستكون جادة. وجميع التيارات السياسية بما فيها التياران المحافظ والإصلاحي تشجّع الناس باستمرار على المشاركة في الانتخابات والتصويت بحرية وشفافية".

نساء لضمان الشفافية

في الأجواء المشحونة بالحماس السياسي التي تسود خلال المواسم الانتخابية، تؤدي النساء دوراً حيوياً لا غنى عنه في تعزيز النزاهة والشفافية في العمليات الانتخابية. تشارك النساء كمراقبات ومسؤولات في الهيئات الانتخابية، وتُسهم بشكل فعّال في تطبيق معايير الشفافية، مما يكفل سير العملية الانتخابية وفقاً لأعلى معايير الصحة والأمانة.

في السياق، تقول شهره كاظمي كمشرفة سابقة على صندوق التصويت، للميادين نت إن "النساء يضطلعن بمهام تتجاوز مجرد الإشراف على عمليات الاقتراع؛ إذ ينطوي دورهن أيضاً على التأكّد من أن الناخبين يستطيعون التصويت في بيئة آمنة ومحترمة. ويعدّ وجودهنّ رادعاً لأيّ محاولات للضغط على الناخبين، ويشجّع المزيد من النساء على المشاركة في العملية الانتخابية".

كما تؤكد المراقبة في الانتخابات أسماء أميري للميادين نت أنّ "مشاركة المرأة من بداية فتح صناديق الاقتراع وحتى مرحلة فرز الأصوات وإعلان الفائز، حجر الزاوية لضمان إجراء انتخابات شفافة ونزيهة، وكمراقبة أرى أن وجود النساء يعزّز الثقة في النظام الانتخابي بأكمله. نحن نقدّم صورة مهمة وغالباً ما نكون أكثر حساسية في تتبّع وتوثيق كلّ صوت انتخابي. ومن خلال مراقبتنا الفعّالة، نساعد في منع أيّ تجاوزات أو ممارسات غير قانونية قد تؤثّر على نزاهة الانتخابات".

بالإضافة إلى ذلك، تساهم النساء بصفتهنّ مسؤولات في بعض المكاتب الانتخابية في تطوير وتنفيذ برامج تدريبية للعاملين في الانتخابات، ممّا يعزّز من كفاءتهم ويحسّن من جودة الإجراءات الانتخابية. هذا التدريب يضمن تطبيق القوانين واللوائح بدقة، ويحافظ على سير العملية الانتخابية وفقاً لأعلى المعايير الدولية.

اختيار الرئيس وفق معايير محدّدة

تشارك النساء في الانتخابات بنسب متقاربة أو أحياناً أعلى من الرجال بحسب الإحصائيات المتعلّقة بالانتخابات. وتقول فرشته أسد زاده، الناشطة الاجتماعية وعضو الهيئة العلمية في جامعة بيام نور، للميادين نت: "يجب على النساء إلى جانب دورهنّ كأمهات ومربيات، أن يأخذن في الاعتبار حقوقهن السياسية والاجتماعية، وخاصة مشاركتهن في الانتخابات. فعدم التصويت يُعدّ بمثابة تنازل عن التأثير في مستقبل البلد؛ ومن الأفضل أن نشارك بأنفسنا في هذا الأمر المهم". في هذا السياق، تقول الطالبة فاطمة أكبري للميادين نت: "نحن في إيران يمكننا التصويت، بينما بعض الدول المجاورة لا تُجري انتخابات أصلاً، أو أنّ النساء لا يصوّتن".

وغالباً ما تكون للإيرانيات أولويات مختلفة تميل في معظمها إلى دعم المرشّحين الذين يعالجون تطلّعاتهن وقضاياهن فيما يتعلق بالرعاية الصحية، التعليم، رعاية الأطفال، حماية المرأة العاملة وربّات الأسر. تقول آمنة إيزدي، ربة منزل وخيّاطة، في حديثها للميادين نت "إن صوتي في الدورة السابقة لم يذهب سُدى فبعد انتخابي للشهيد إبراهيم رئيسي كرئيس للجمهورية حصلت على عدة امتيازات في عهده القصير. فقد تمّ تسجيلي أنا وأطفالي في نظام الضمان الصحي الذي يضمن لنا العلاج المجاني والتقاعد، كما حصلتُ على تسهيلات سكنية، وبموجب قانون الأسرة وتشجيع الشباب على الزواج، تمكّنت من شراء سيارة من شركة سايبا لصناعة السيارات بسعر المصنع، وهذه السيارة مسجّلة باسمي". وتضيف أن "انتخابها هذه المرة سيكون للمرشّح الذي يكون في خدمة الشعب والثورة ويعمل على تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للناس".

وعن الرئيس الجديد، تؤكد حكيمة حسيني، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 55 عاماً، أنه يجب أن يواصل الرئيس الجديد نهج الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي في حلّ المشكلات الاقتصادية والمعيشية للشعب، خاصة في مواجهة ارتفاع الأسعار، والسكن، والتضخّم، وتجاوز تأثيرات الحظر الأميركي. 

بعد استشهاد الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ورفاقه في حادث تحطم مروحية، تعلن إيران تنظيم انتخابات رئاسية طارئة يوم 28 حزيران/يونيو.. انتخابات تؤكد استمرار الجمهورية الإسلامية على نهج الثورة.