بتر بدون تخدير ونزوح وتجويع.. تجدد الكارثة الإنسانية في غزة
يعيد الاحتلال سيناريو الحرب في قطاع غزة، والتي توقفت على إثر اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، بمشهد جديد أشد إيلامًا حيث تتزامن الحرب الوحشية مع تجويع الفلسطينيين وحرمانهم من المستلزمات الطبية، وإجبارهم على النزوح من مختلف مناطق القطاع.
-
بتر بدون تخدير ونزوح وتجويع.. تجدد الكارثة الإنسانية في غزة
يعود سكان قطاع غزة إلى ويلات لا تطاق عقب استئناف جيش الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة ضدهم، والتي تتزامن مع حصار مشدد وإغلاق محكم لجميع منافذ القطاع، ومنع إدخال المساعدات الغذائية والإنسانية والطبية.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، أغلقت سلطات الاحتلال جميع معابر القطاع، ومنعت دخول كافة أشكال المساعدات للسكان، فيما أقدم الجيش قبل الإعلان الرسمي عن عودته إلى القتال على قصف المدنيين، وبدأ بعمليات برية دفعت الآلاف للنزوح من مناطقهم السكنية.
ويعيد الاحتلال سيناريو الحرب في قطاع غزة، والتي توقفت على إثر اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى قبل شهر رمضان، بمشهد جديد أشد إيلامًا حيث تتزامن الحرب الوحشية مع تجويع الفلسطينيين وحرمانهم من المستلزمات الطبية، وإجبارهم على النزوح من مختلف مناطق القطاع.
حيث اضطر الآلاف للنزوح من مناطق شمال وشرق ووسط وجنوب القطاع إلى العراء، بعد توغل الاحتلال برّياً في تلك المناطق، فيما لا يجد هؤلاء كسرة خبز للإفطار أو السحور، ولا شربة ماء، ولا يحصل من الجرحى والمرضى منهم على فرصة للعلاج.
نزوح وتجويع
ويفيد خليل القصاص، نازح من شمال القطاع لوسط مدينة غزة، بأنه وبعد أن تقدم لآليات الاحتلال وإطلاق نار من طائراته المسيرة، اضطر وعائلته إلى جانب الآلاف من السكان لتكرار تجربة النزوح، والتي تأتي في وقت يجد السكان صعوبة في الحصول على الطعام والماء.
ويقول القصاص، للميادين نت إن "موجة النزوح الحالية هي الأصعب والأسوأ على الإطلاق، خاصة وأنها تتزامن مع تشديد الحصار الإسرائيلي"، مبينًا أن طفلته أصيبت بطلق ناري خلال النزوح، وقدم لها فقط العلاجات الأولية.
ويواجه القصاص وطفلته وجميع أفراد عائلته خطر الموت جوعًا أو قصفًا أو قهرًا من الكارثة الإنسانية التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي بعودته للحرب، والتي يهدف منها بشكل أساسي إلى دفع السكان نحو الهجرة لخارج غزة.
ولا يجد النازح الفلسطيني في الأسواق والبسطات والمحال التجارية ما يمكن أن تقوم زوجته بإعداده على مائدة الإفطار، فيما يقف أمام طوابير طويلة للحصول على الماء والقليل من الخبز، في حين توقفت جميع التكيات الخيرية عن العمل.
بتر بدون تخدير
وفي مستشفى المعمداني وسط غزة، تتكدس جثامين الشهداء ومئات المصابين بجراح متفاوتة، لا يجدون ما يقدم لهم من علاج أو مسكنات طبية، في حين يجري إجراء العمليات الجراحية بدون أدنى المقومات الطبية بما في ذلك المخدر الخاص بالعمليات الخطيرة.
واضطر الأطباء، لبتر أطراف عدد من المصابين بدون تخدير طبي، أو حتى مسكن آلام، وذلك وفق ما أكد الطبيب محمد مصطفى، اختصاصي الجراحة، مشيرًا إلى أن الإصابات حرجة للغاية، وأن رائحة حرق الجثامين تملأ أروقة المستشفيات.
ويوضح مصطفى، أن هناك ضغط كبير جدًا على الطواقم الطبية العاملة في القطاع، وأن المستشفيات تواجه إصابات ومرضى وشهداء تفوق قدراتها الاستيعابية، مؤكدًا أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ جريمة حرب بحق الفلسطينيين في غزة.
وتعاني المستشفيات من نقص حاد في جميع المستلزمات والأدوية الطبية، وفق ما يفيد الناطق باسم وزارة الصحة في غزة، خليل الدقران، مشيرًا إلى أن ذلك يصعّب مهمتها في إنقاذ أرواح المصابين والجرحى والمرضى.
"فمنذ بداية الشهر الجاري لم يسمح الاحتلال الإسرائيلي بإدخال أي معدات ومستلزمات طبية للقطاع الصحي، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى كارثة صحية كبيرة، خاصة وأن المخزون لدى المراكز الطبية لا يكفي سوى لعدة أيام"، وفق ما يؤكد الدقران للميادين نت.
وحذر من أن وزارة الصحة قد تعلن في أي لحظة خروج جميع المستشفيات عن الخدمة الطبية، "وهو ما يعني كارثة صحية وإنسانية وبيئية على مختلف المستويات، كما أن سيؤدي إلى مضاعفة أعداد الشهداء في ظل القصف العشوائي لخيام النازحين ومنازل المواطنين".
وتقدم المستشفيات والمراكز الطبية، وفق الدقران، الخدمات الأولية فقط للمرضى والمصابين، كما يتم إجراء بعض العمليات الصغيرة من دون استخدام المواد الأساسية والضرورية، بما في ذلك المخدر الطبي، وهو ما يزيد من معاناة المصابين.
أخطر أزمة إنسانية
ويفيد مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أمجد الشوا، أن "استئناف الاحتلال للحرب في غزة، وقطع كل طرق ووسائل الإمداد الإنسانية من خارج القطاع وداخله يهدد بأخطر أزمة إنسانية"، لافتًا إلى أن المؤسسات الدولية والإغاثية تجد صعوبة في تقديم الخدمات للسكان.
ويقول الشوا، للميادين نت، إن "الاحتلال أعاد فصل غزة وشمالها عن وسط وجنوب القطاع، وأعاق عمليات تنقل السكان والمساعدات والوقود، الأمر الذي ينذر بكارثة كبيرة جدًا وسيفاقم معاناة السكان خلال الأيام المقبلة.
ويشير إلى أن "المؤسسات الإغاثية والصحية تواجه صعوبة في تقديم الخدمات، خاصة في ظل نقص المواد الغذائية والطبية الوقود،" مشددًا على ضرورة الضغط الدولي على حكومة الاحتلال لتحسين الأوضاع الإنسانية في غزة.