عدوان بلا توقّف.. قصص ناجين من القصف الإسرائيلي في لبنان

بلغ عدد الشهداء 558 شهيداً وأكثر من 1800 جريح في العدوان الإسرائيلي المستمر على عدد من المناطق اللبنانية بحسب وزارة الصحة، بينهم نساء وأطفال ومسعفين.

0:00
  • عدوان بلا توقّف.. قصص ناجين من القصف الإسرائيلي في لبنان
    عدوان بلا توقّف.. قصص ناجين من القصف الإسرائيلي في لبنان

عاد مشهد صبيحة الـ22 من أيلول/سبتمبر في الذاكرة إلى ساعات حرب تموز الأولى. قصف جنوني وعشوائي، دما رهائل، شهداء مدنيون وجرحى ونزوح قسري للأهالي الصامدين المضحين الذين لم يتركوا بيوتهم وقراهم طيلة أيام الحرب منذ ما يقارب العام.

بالقرب من منزلها الكائن في قرية سلعا الجنوبية في الخطوط الخلفية،  نفذ الاحتلال الإسرائيلية غارات حربية عنيفة متتالية استهدفت الوادي المجاور للمنزل مباشرة، حملت ريما بوّاب فتياتها الثلاث بعد أن تحطم زجاج منزلها بأكمله، وانطلقت بهم مسرعةً نحو مكان عمل زوجها في القرية. تروي ريما للميادين نت كيف انهالت الصواريخ على منازل المدنيين، وكيف بدأ الناس يركضون من كل حدب وصوب لتفقد السكان في المنازل. "لم نفكّر بأنفسنا في تلك اللحظة، كنّا فقط نصرخ لطلب الإسعاف وإنقاذ الجرحى"، وصفت ريما مشهد الناس في أولى لحظات وقوع الغارات، وكيف استطاع زوجها إخراج عائلته من القرية تحت نيران القصف "الذي لم يتوقف لدقيقة واحدة".

وأمام المستشفى اللبناني الإيطالي في منطقة صور، وصل خضر حسن النازح من قرية البيّاضة الحدودية، بأعجوبة هو وعائلته إلى أمام باب المستشفى بعد أن كانت الشظايا تتطاير فوقهم في المنزل، من جراء استهداف أحد المنازل المجاورة. لم يكن خضر قد أدرك بعد ما الذي حدث بالضبط، لكن يبدو أن المشاهد التي رافقته على امتداد الطريق كانت كفيلة بتوضيح الصورة: "الزجاج محطّم في أكثر من مكان، الحجارة متناثرة، المواطنون يقلّون الجرحى في سياراتهم الشخصية للمساعدة في توصيلهم إلى سيارات الاسعاف، الدخان متصاعد من جانبي الطريق". وصل الشاب إلى القرب من المستشفى، ركن سيارته جانباً ليتواصل مع أقاربه، وما هي إلا لحظات حتى دوّى انفجار كبير خلف المستشفى مباشرةً، حيث المباني السكنية المزدحمة بالمدنيين، مما اضطرهم للمغادرة جميعهم نحو وجهةٍ أخرى.

في الجنوب أيضاً، وبعد خروجها من منزلها بدقائق شن الاحتلال الإسرائيلي غارات استهدفت ساحة الشهداء في بلدة طورا، لم تتمكن أماني الضاهر حتى من جمع أدوية ابنها بسبب مغادرتها الفورية مع زوجها باتجاه مدينة صيدا. بعد عبورهم منطقة أبو الأسود بدقائق، أغار الطيران الحربي مستهدفاً الطريق العام عند محلّة الصرفند ليتوقف بذلك السير، وتزدحم الطريق بشكل كبير جداً. "توقف زوجي في منتصف الطريق، لم نعد ندري أننتظر أم نعود أدراجنا والغارات تتساقط حولنا؟"، تحكي أماني للميادين نت عما واجهوه، وتفيد بأنّ قرارهم كان الانتظار والانطلاق مجدداً، لكن بسبب الازدحام استغرق الوصول إلى ما بعد مدينة صيدا ما يقارب الـ6 ساعات.

المشهد عينه تكرر بقاعاً أيضاً، وابل من الغارات الحربية الإسرائيلية استهدفت قرى ومناطق في البقاع الغربي والشرقي، وصولاً إلى منطقة الهرمل، وتسببت بارتقاء عدد من الشهداء ووقوع إصابات وأضرار، وذلك تزامناً مع الهجمات العنيفة التي استمر الاحتلال بتنفيذها على المناطق الجنوبية طيلة الوقت. هذه الأحداث تزامنت أيضاً مع استهدافات الاحتلال لأكثر من مبنى سكني في الضاحية الجنوبية لبيروت على مدى أيام، مما أسفر عن ارتقاء شهداء وإصابة عدد من المدنيين بجروح متفاوتة.

وبلغ عدد الشهداء 558 شهيداً وأكثر من 1800 جريح في العدوان الإسرائيلي المستمر على عدد من المناطق اللبنانية بحسب وزارة الصحة، بينهم نساء وأطفال ومسعفين، عدا عن الخسائر الكبيرة التي طالت المنازل والممتلكات والبنى التحتية في الكثير من المدن والقرى.

وفي ظل العدوان، خرجت مبادرات فردية وجهود تابعة للبلديات واللجان الوطنية والجمعيات الأهلية من أجل تأمين أوضاع النازحين من القرى. المئات من المنشورات التي تتحدث عن فتح البيوت للنازحين واستقبالهم من دون أي مقابل مادي، مرفقةً بأرقام هواتفهم وذلك من مناطق لبنانية عدة في البقاع (زحلة) والشمال والضاحية الجنوبية لبيروت وإقليم التفاح والجبل ومناطق أخرى. هذا الأمر ترافق مع مبادرات فردية وجماعية عدة، كتنظيم خطوط السير للنازحين لا سيما في مدينة صيدا ومداخلها وتوزيع المياه والطعام على الناس الموجودين في سياراتهم لساعات طويلة، وإرشادهم لمراكز الايواء والنزوح في عدة مناطق بالتنسيق مع الجهات الرسمية.