ترامب يعكس نظرية السياسة والاقتصاد ويستبدل سياسة العقوبات برفع الرسوم

يتفاجأ العالم بقرارات ترامب برفع الرسوم الجمركية على الدول كافة سواء كانت صديقة أو عدوة له، وهو ما يرى أنه بذلك يمكن أن يحقّق إيرادات عائدة للولايات المتحدة الأميركية بشكل سريع.

  • ترامب يستبدل سياسة العقوبات برفع الرسوم.
    ترامب يستبدل سياسة العقوبات برفع الرسوم.

لطالما مارست الولايات المتحدة الأميركية سلاح العقوبات الاقتصادية على خصومها في العالم من خلال محظورات مالية وتقييد في التجارة والصناعة وحتى السفر أحياناً، كانت تُفرض على دول بشكل كامل مثل سوريا وإيران وحيناً على شخصيات مثل بوتين وآخرين، والهدف من ذلك كان بعنوان عقوبات على عدم انضباطيّة هؤلاء الدول أو الأشخاص في الانتظام بالسياسات الخارجية للولايات المتحدة الأميركية.

اليوم يتفاجأ كلّ العالم بقرارات رئيس الولايات المتحدة الأميركي دونالد ترامب برفع الرسوم الجمركية على الدول كافة سواء كانت صديقة أو عدوة له، وهو ما يرى أنه بذلك يمكن أن يحقّق إيرادات عائدة للولايات المتحدة الأميركية بشكل سريع.

فمنذ تنفيذ الرئيس الأميركي لسياسات التعريفات الجمركية الجديدة في نيسان/أبريل 2025، تمّ جمع إيرادات كبيرة من هذه التعريفات، وفقاً لبيانات مكتب الجمارك وحماية الحدود الأميركي تمّ تحصيل أكثر من 4.8 مليارات دولار من الضرائب على المنتجات الصينية، وأكثر من 2 مليار دولار على المنتجات المكسيكية.  

بالإضافة إلى ذلك، تمّ فرض تعريفات بنسبة 25% على الألمنيوم والصلب، مما أدى إلى جمع أكثر من مليار دولار إضافية.  

تتفاوت التقديرات حول الإيرادات المستقبلية من هذه التعريفات، على سبيل المثال، قدّرت مؤسسة الضرائب أنّ التعريفات قد تزيد من إيرادات الضرائب الفيدرالية بمقدار 206.6 مليارات دولار في عام 2025، وهو ما يمثّل 0.68% من الناتج المحلي الإجمالي.  

على الرغم من إشارة العديد من الاقتصاديّين إلى أنّ هذه التعريفات قد تؤدّي في مكان ما إلى انخفاض في الواردات، مما قد يقلّل من سقف الإيرادات المتوقّعة، على سبيل المثال، قدّرت شركة كابيتال إيكونوميكس أنّ التعريفات قد تولّد نحو 700 مليار دولار سنوياً، وهو أقلّ من التوقّعات الأولية.  

من الجدير بالذكر أنّ هذه التعريفات قد تؤثّر أيضاً على الاقتصاد الأميركي بطرق أخرى، مثل زيادة الأسعار للمستهلكين وتقليل النمو الاقتصادي في وقت لاحق.

إنما الحديث الآن حول الشقّ السياسي من الموضوع فكانت الولايات المتحدة تضغط لضبط السياسات الخارجية للدول بالتلويح بالعقوبات أو فرضها بشكل تلقائي فهي كانت تجني من ذلك ثلاثة مكاسب أساسية:

الأول يتمثّل بإيرادات اقتصادية خاصة في ظلّ حجز أموال مثل الأموال الإيرانية والاستفادة منها داخل السوق الأميركية، والثاني تقييد للدول المعادية وحصارها، والثالث ضمان عدم دعمها والتعامل معها من دول أخرى وتطوّرها مستقبلاً.

فكانت بذلك تهتم أميركا بالشقّ السياسي أولاً والاقتصادي ثانياً، إنما نظرية ترامب في الرئاسة تختلف عن أسلافه فهو يرى أنّ التوجّه المباشر نحو الاقتصاد الريعي هو ما يحدّد قوة السياسة الخارجية لأميركا لسببين:

أولاً: أنه يجني العائدات بشكل مباشر وسريع جداً خلافاً لسياسة العقوبات البطيئة.

ثانياً: مطالبة معاكسة لالتزام الدول تجاه أميركا وليس العكس كما كانت عليه الحال حيث كانت أميركا بمكوكيتها الدبلوماسية مع القوة هي من تسوّق لسياساتها ومطالبها، أما اليوم فجميع دول العالم بما فيها الاتحاد الأوروبي والصين وحتى الكيان الصهيوني هي من تبادر للسؤال عن مطالب أميركا بغية تخفيض الرسوم.