تبريرات أميركية زائفة تمهّد للاعتداء على فنزويلا

تقدم الإدارة الأميركية تبريراتها من خلال إطار "النزاع المسلح مع منظمات إرهابية"، بينما يرى خبراء قانونيون ومعارضون أن هذه العمليات تفتقر إلى سند قانوني رصين في القانونين الدولي والأميركي.

0:00
  •  القوات الأميركية تنفذ ضربات ضد زوارق يشتبه في تهريبها للمخدرات في منطقة البحر الكاريبي.
    القوات الأميركية تنفذ ضربات ضد زوارق يشتبه في تهريبها للمخدرات في منطقة البحر الكاريبي.

وفقًا لما أعلنه مؤخراً وزير ( الحرب) الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، فإن القوات الأميركية تنفذ ضربات ضد زوارق يشتبه في تهريبها للمخدرات في منطقة البحر الكاريبي، مدعيةً وجود تفويض لمثل هذه العمليات.

تصاحب هذه العمليات تحركات عسكرية أميركية ملموسة في المنطقة، حيث قامت الولايات المتحدة بنشر ثماني سفن حربية وغواصة تعمل بالطاقة النووية في جنوب البحر الكاريبي، كما أُرسلت عشر طائرات مقاتلة من طراز F-35 إلى جزيرة بورتوريكو.

أكد هيغسيث أن هذه الضربات "ستتواصل حتى تتوقف الهجمات ضد الشعب الأميركي". وقد سبق أن أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب أن الولايات المتحدة في حالة "صراع مسلح" مع ما سمتهم "العصابات المنظمة وعصابات المخدرات".

قامت الإدارة بتصنيف كارتلات المخدرات كـ "جماعات مسلحة غير حكومية" واعتبرت أنشطتها "هجومًا مسلحًا" ضد الولايات المتحدة، كما وصفت المشتبه فيهم بأنهم "مقاتلون خارجون عن القانون". هذا التصنيف هو الأساس القانوني الذي تقدمه واشنطن لتبرير عملياتها العسكرية المباشرة.

الاستهدافات العسكرية الأميركية للقوارب التي تزعم أنها محملة بالمخدرات بالقرب من فنزويلا تواجه انتقادات قانونية واسعة واعتبرتها جهات متعددة غير قانونية.

كما حذّر البعض ممّا وصفوه برغبة إدارة ترامب في توظيفها ضمن عمليات التحريض والدعاية الهادفة إلى زعزعة استقرار فنزويلا وإطاحة نظامها المناهض للولايات المتحدة.

أبرز الانتقادات والمواقف القانونية

القانون الدولي: 

- انتهاك للقانون الدولي والبحري، حيث اعتبر خبراء في الأمم المتحدة هذه الضربات "عمليات قتل خارج نطاق القضاء".

- عدم تقديم الولايات المتحدة أدلة ملموسة تثبت صحة ادعاءاتها حول وجود مخدرات على متن القوارب المستهدفة.

القانون الأميركي 

- إثارة جدل حول الشرعية الدستورية، حيث إن القانون الأميركي لا يفرض عقوبة الإعدام على جرائم الاتجار بالمخدرات.

- انتقاد من أعضاء في الكونغرس (من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين) للإجراء نظراً لغياب "محاكمة عادلة" و"مسار قضائي واضح" .

الردود الدولية

-إدانة من خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة للضربات واعتبارها غير قانونية.

- اعتبار فنزويلا وعدد من حلفائها في دول الكاريبي هذه العمليات "غير قانونية" وذريعة لـلسعي إلى "تغيير النظام" فيها.
 

 خلاصة الوضع القانوني

حتى الآن، لا تعتبر هذه العمليات قانونية بشكل واسع، وتواجه معارضة قوية على أسس قانونية دولية ومحلية.

تعتمد الإدارة الأميركية تبريرات تقوم على "حماية الأمن القومي" و"مواجهة الإرهاب"، بينما يرى معظم الخبراء القانونيين ( كما نلحظ أدناه) أنها تفتقر إلى سند قانوني رصين وتشكل سابقة خطيرة. 

تبريرات أميركية تفتقر إلى السند القانوني

تعتمد التبريرات القانونية الأميركية لاستهداف القوارب في الكاريبي بالقرب من فنزويلا على مزاعم تتعلق بمكافحة "الإرهاب المخدراتي"، لكنها تواجه تشكيكًا قانونيًا وسياسيًا كبيرًا:

التبرير القانوني المقدم من الولايات المتحدة يتركّز على:

تصنيف الخصم المزعوم هنا ، تصنيف عصابات مثل "ترين دي أراجوا" كـ "منظمات إرهابية مخدراتية".   لكن مصطلح "إرهاب مخدراتي" ليس مصطلحًا معترفًا به في القانون الدولي ولا يخلق استثناء من قواعد حقوق الإنسان والقانون الإنساني.

كذلك الادعاء بوجود حالة من "النزاع المسلح" مع هذه المنظمات، ما يخوّل القوات الأميركية استخدام القوة المميتة بموجب قانون الحرب.  

لكن لو سلمنا جدلاً بأن الجماعات المستهدفة هي عصابات مخدرات منظمة،  فالقوانين الدولية وحتى الأميركية ترفض فكرة وجود نزاع مسلح لأن جماعات الجريمة المنظمة، مهما بلغ عنفها، لا تُعتبر أطرافًا في نزاع مسلح وفقًا للقانون الدولي.

كما أن الادعاء بالاعتماد على السلطات الدستورية للرئيس (ترامب) بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس السلطة التنفيذية لإدارة العلاقات الخارجية لا يستقيم هنا لغياب التفويض القانوني من الكونغرس (القانون المحلي) الذي يصرّح بشكل محدد باستخدام القوة العسكرية في هذا السياق.

أما الادعاء بمشروعية العمل الاستباقي باختيار تدمير القوارب لـ"إرسال رسالة واضحة للعصابات"  بعدم التسامح مع نشاطها، يعد ببساطة انتهاكاً للحق في الحياة وخطر الحرمان التعسفي من الحياة بموجب القانون الدولي، حيث إن القوة المميتة في وقت السلم مسموح بها فقط لإنقاذ حياة بشكل فوري لا كرسالة رادعة.

باختصار، تقدم الإدارة الأميركية تبريراتها من خلال إطار "النزاع المسلح مع منظمات إرهابية"، بينما يرى خبراء قانونيون ومعارضون أن هذه العمليات تفتقر إلى سند قانوني رصين في القانونين الدولي والأميركي، وتشكل سابقة خطيرة لاستخدام القوة العسكرية ضد مدنيين مشتبه فيهم خارج نطاق القضاء. والبعد الآخر غير الصريح هنا هو خلق أجواء تحريضية عدائية لتبرير استهداف فنزويلا بعمليات عسكرية على أراضيها.