تقرير "تقييم التهديدات" الأميركي: إيران قوية ولكن

في منطقة الشرق الأوسط، يتحدث "التقييم السنوي للتهديدات" عن كل من إيران وسوريا والتهديدات التي تأتي من المجموعات الإرهابية. ويقوم بمراجعة القدرات العسكرية والسيبرانية، والتحديات التي تواجهها إيران.

0:00
  • استثمار إيران في جيشها وقواتها التقليدية كان مجدياً.
    استثمار إيران في جيشها وقواتها التقليدية كان مجدياً.

صدر التقييم السنوي للتهديدات لعام 2025، وهو التقرير الذي تعدّه أجهزة الاستخبارات الأميركية، وتحدد فيه التهديدات المحتملة ضد المواطنين الأميركيين والدولة والمصالح الأميركية في العالم.

تبرز الصين في التقرير جهةً فاعلة تشكّل الدولة الأكثر قدرة على تهديد المصالح الأميركية عالمياً، ثم تأتي كل من روسيا وكوريا الشمالية وإيران تهديداتٍ محتملةً على الرغم من أن التقرير يرى أن الصين تبقى "أكثر حذراً من روسيا وإيران وكوريا الشمالية بشأن المخاطرة في صورتها في العالم، اقتصادياً ودبلوماسياً، والظهور في مظهر عدواني".

في منطقة الشرق الأوسط، يتحدث التقرير عن كل من إيران وسوريا والتهديدات التي تأتي من المجموعات الإرهابية، وخصوصاً "داعش" وتلك المرتبطة بالقاعدة. ويقوم التقرير بمراجعة القدرات العسكرية والدبلوماسية والسيبرانية، والتحديات الداخلية التي تواجهها إيران، على الشكل التالي:

أولاً: القدرات العسكرية والاستراتيجية الإيرانية

يُدرج التقرير امتلاك إيران ترسانة صاروخية كبيرة تشمل الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة، والتي تُعَدّ حجر الزاوية في استراتيجيتها، دفاعياً وهجومياً. ومع ذلك، فإن التقييم الاستخباري يشير إلى أن إيران تواجه صعوبات في تعويض خسائرها العسكرية بسبب الضربات الإسرائيلية لمواقعها الدفاعية، وتراجع نفوذ حلفائها، مثل حزب الله والنظام السوري.

وفي التقييم، عسكرياً وأمنياً، يتحدث التقرير عن استمرار قوة إيران، في الحرب غير التقليدية، والتفوّق أيضاً في استخدام الوكلاء (مثل الحوثيين في اليمن) لضرب المصالح الأميركية والإسرائيلية من دون مواجهة مباشرة، بالإضافة إلى القدرات الصاروخية وتهديد مضيق هرمز وتعطيل إمدادات الطاقة العالمية. وعلى الرغم من أن سقوط نظام الأسد، الحليف الرئيس لطهران، يُعَدّ ضربة موجعة للمحور، فإن الجهات المنضوية في "محور المقاومة" لا تزال تُمثّل مجموعة واسعة من التهديدات في المنطقة.

كذلك، يتحدث التقرير عن فعالية القدرات السيبرانية الإيرانية، وخصوصاً بعد أن حدث تطور في القدرات الهجومية في القرصنة والتأثير الإعلامي عبر اختراقات موجَّهة (مثال: اختراق حملة ترامب عام 2024). 

ويتحدث التقرير عن ردع إيراني "محدود" بعد "فشل" الضربات الإيرانية ضد "إسرائيل" عام 2024 في تحقيق نتائج حاسمة، وضعف القدرات التقليدية الإيرانية، بحيث يعاني الجيش الإيراني بسبب المعدات القديمة وضعف التدريب، وخصوصاً في القوات الجوية والبرية.  

أما في إطار البرنامج النووي، فيقول التقرير إن "إيران لا تُصنّع سلاحاً نووياً"، لكن النقاش الداخلي بشأنه يتصاعد في ظل تزايد التهديدات للأمن القومي الإيراني، على الرغم من أن المرشد علي خامنئي لم يغيّر قراره حرمة السلاح النووي.

ثانياً: الأبعاد السيبرانية والدبلوماسية

يتحدث التقرير عن أن إيران باتت لاعباً رئيساً في الحرب السيبرانية، بحيث تُنفذ عمليات هجومية ضد الولايات المتحدة و"إسرائيل" وحلفائهما. وتشمل هذه العمليات هجمات تصيد احتيالي، واختراقات لأنظمة حساسة، ونشر معلومات مضلِّلة لتعزيز نفوذها.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، تسعى إيران لتعميق علاقاتها بخصوم الولايات المتحدة، مثل روسيا والصين، لتعزيز قدراتها الاقتصادية والعسكرية. كما تحاول تعزيز تعاونها مع دول الجنوب العالمي، ومع الدول الإقليمية العربية في الخليج.

ثالثاً: التحديات الداخلية وتأثيرها في استقرار النظام

يتحدث التقرير عن أزمة اقتصادية خانقة تعانيها إيران، تتمثل بانخفاض النمو، والتضخم المرتفع، وتبدّل أسعار الصرف، الأمر الذي يفاقم الاستياء الشعبي. وأدت الاحتجاجات الداخلية، مثل تلك التي اندلعت عامَي 2022 و2023، إلى زيادة الضغوط على النظام، الأمر الذي يهدّد استقراره.

في النتيجة، على الرغم من أن التقرير يركّز على ما يسميه "هشاشة" إيران، فإنه يعترف، في أجزاء وازنة منه، بأن استثمار إيران في جيشها وقواتها التقليدية كان مجدياً، ويجعلها قادرة على مواجهة التهديدات المتنوعة، ومحاولة ردع أي هجوم من الولايات المتحدة أو "إسرائيل" والدفاع في مواجهته. 

بناءً عليه، إذا أخذنا في الاعتبار الأهداف التي تبغيها الولايات المتحدة من نشر التقرير، والذي يتجاوز، بصورة عامة، كونه مجرد وثيقة استخبارية لتقييم المخاطر والتهديدات، ليشكّل إنذاراً مبكّراً للمخاطر الأمنية المحتملة، وأداة للضغط على الخصوم، وآلية لتوجيه السياسة الخارجية الأميركية.

بناءً على ما سبق، فإن إشارة التقرير إلى ضآلة احتمال قيام إيران بتعويض خسائرها، وأن تشكيل تهديد كبير للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط هو ضئيل في المدى القريب، والتأكيد أن المرشد الأعلى علي خامنئي لا يرغب في توريط إيران في صراع مباشر وموسع مع الولايات المتحدة وحلفائها... تعني أن لا حاجة للإدارة للهرولة إلى التصعيد العسكري مع إيران، لأن إيران – بحسب التقرير- "قوية" في بعض المجالات (مثل الصواريخ والحرب غير التقليدية)، إلا أن التهديد الإيراني المباشِر للمصالح الأميركية، في المدى القريب، محدود، وخصوصاً مع تركيز طهران على مشاكلها الداخلية، وبسبب قرارها تجنب حرب كبرى في المنطقة.