ديمقراطية تركيا.. نحو نظام الحزب الواحد

هل تحمل أنقرة دوراً جديداً ومثيراً في المنطقة، سيما في ظل بغياب الدور بل وحتى الرأي العربي المستسلم للرئيس ترامب؟

0:00
  •  تركيا والحزب الواحد.
    تركيا والحزب الواحد.

منذ اعتقال رئيس بلدية اسطنبول في 19 آذار/مارس وتركيا تشهد تطورات سياسية مثيرة تثبت بكل وضوح أن الرئيس إردوغان مصمم على التخلص من إمام أوغلو وحزبه "الشعب الجمهوري" بل من كل المتضامنين معه من السياسيين والمثقفين بل وحتى المحامين والإعلاميين والشباب.

وزاد عدد الذين جرى توقيفهم واعتقالهم منذ ذلك التاريخ على 500 شخص منهم عشرة من رؤساء البلديات عن الحزب المذكور ومديرو الشركات والمرافق التابعة للبلديات المذكورة وبتهم الفساد التي لم يتم إثباتها حتى الآن وعلى حد قول زعيم الشعب الجمهوري اوزكور آوزال الذي ناشد إردوغان لبث محاكمة آمنان أوغلو ورفاقه على الهواء مباشرة.

ووصف اوزال  كل ما يحدث بأنه "انقلاب على الديمقراطية والانتقال إلى حكم الحزب الواحد"  الذي يسعى إليه الرئيس إردوغان منذ الانتقال إلى النظام الرئاسي في نيسان/ أبريل 2017 حيث سيطر على جميع مؤسسات ومرافق وأجهزة الدولة وأهمها الجيش  والاستخبارات والأمن والقضاء والمال والإعلام.

ولم يكتفِ الرئيس إردوغان بحملته التي تستهدف أكرم إمام أوغلو الذي أعلن نفسه منافساً له في الانتخابات الرئاسية المقبلة وبتأييد 15 مليون مواطن، بل استنفر كل إمكانات الدولة وأهمها الأمن والقضاء والإعلام للتخلص من حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك في 9 أيلول/ سبتمبر 1923 أي قبل الإعلان عن الجمهورية التركية بخمسين يوماً. 

ويسعى الرئيس إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم منذ نهاية 2002 للتخلص من إرث هذه الجمهورية على الصعيد السياسي والفكري والثقافي.

ويتهم زعيم الشعب الجمهوري اوزكور اوزال إردوغان باستمرار "العمل للقضاء على النظام الديمقراطي وإقامة نظام ديكتاتوري  وبدعم  من الرئيس ترامب" الذي سبق له أن قال عن  إردوغان " إنه صديق مقرب جداً منه".

ومن دون أن تكون هذه الصداقة الحميمة بين الطرفين كافية لإقناع واشنطن بتقديم الدعم الاقتصادي والمالي لتركيا التي تعيش أخطر أزماتها المالية التي أوصلت البلاد إلى حافة الإفلاس وهي السبب في زيادة شعبية إمام أوغلو وحزب الشعب الجمهوري.

ويفتقر لتضامن ودعم  الحكومات الأوربية التي تتجاهل كل ما يتعرض له الحزب على يد السلطات الحكومية وبشكل "غير ديمقراطي واستبدادي" وعلى حد قول زعيم الحزب اوزكور أوزال.

وناشد خلال حديثه الأسبوع الماضي في بروكسل الحكومات والقوى الأوربية لإثبات مصداقيتها في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون وحرية الإعلام والتعبير عن الرأي.

واستغل الرئيس إردوغان التجاهل الأميركي والأوروبي هذا لما يقوم به فاستمر في مساعيه  للتخلص من منافسه الخطير إمام أوغلو وحزبه الشعب الجمهوري طالما هو يحظى بتأييد ودعم الرئيس ترامب الذي أمر سفيره في أنقرة توماس باراك وعينه ممثلاً خاصاً له في الشأن السوري واللبناني كي يكون على تنسيق مباشر مع إردوغان ليس فقط فيما يخص العلاقات التركية - الأميركية بل أيضاً خلال إعادة رسم خريطة المنطقة وفق المزاج الصهيو - أميركي بعد التطبيع القريب بين "تل أبيب" وكل من دمشق وبيروت.

وهو ما سيتطلب من الرئيس إردوغان أن يتخلص من جميع معارضيه بمختلف ميولهم واتجاهاتهم كي يتسنى له تلبية المطالب والشروط الأميركية والأوروبية التي يبدو واضحاً أنها ستحمّل أنقرة دوراً جديداً ومثيراً في المنطقة وبغياب الدور بل وحتى الرأي العربي المستسلم للرئيس ترامب الذي قال وأكثر  من مرة "إنه معجب بإردوغان ويحبه كثيراً كما أن إردوغان أيضاً يحبه كثيراً " !