"طوفان الأقصى".. الزمن لصالح من؟

الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية يدفع الثمن غالياً، وسط مساعي "البعض" لإقناع او إجبار نتنياهو على عدم اجتياح رفح، ناسين كل المجازر التي ارتكبها حتى الآن.

  • الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية يدفع الثمن غالياً.
    الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية يدفع الثمن غالياً.

بعد يوم من المعلومات التي تحدثت عن احتمالات انتقال قيادات حماس من الدوحة إلى تركيا، استبعد الرئيس إردوغان ذلك وقال "لا أعتقد أن حماس ستغادر قطر". 

وجاءت هذه الأخبار بعد تصريح لوزير الخارجية هاكان فيدان الذي التقى إسماعيل هنية في الدوحة في 17 نيسان/ أبريل، ونقلت وسائل الإعلام حديثه عن احتمالات تخلّي حماس عن العمل المسلّح والاعتراف بالكيان الصهيوني والقبول بدولة فلسطينية ضمن حدود 1967. 

وهو الموضوع الذي قيل إن هنية بحثه مع الرئيس إردوغان خلال لقائه به في إسطنبول، الأحد، وسط المعلومات التي تحدثت عن دور تركي للوساطة بين حماس والكيان الصهيوني، بعد أن وصلت الوساطة القطرية -المصرية إلى طريق مسدود؛ بسبب الموقف الإسرائيلي المتعنت الرافض لوقف إطلاق النار والانسحاب من غزة.

وفي السياق ذاته، جاء وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى أنقرة، السبت الماضي، وسط المعلومات التي تتحدث عن تنسيق تركي-مصري عشية الزيارة القريبة للرئيس السيسي إلى تركيا خلال الأيام القليلة القادمة. 

الرئيس إردوغان الذي استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في إسطنبول 26 الشهر الماضي قيل إنه سعى لإقناع عباس بضرورة المصالحة الوطنية بينه وبين حماس؛ ليساهم ذلك في التصدي للضغوط الأميركية والغربية التي تتبنى المخططات والمشاريع الإسرائيلية. وسبق لإردوغان أن سعى لتحقيق هذا الهدف طوال السنوات الماضية، من دون أن يحالفه الحظ في ذلك.

وعودةً إلى الحديث عن انتقال قيادات حماس من قطر إلى تركيا، بالتزامن مع وصول الصواريخ الإيرانية إلى العمق الإسرائيلي، فالجميع يعرف مدى تشابك العلاقات الشخصية والرسمية بين الدوحة وأنقرة منذ استلام "العدالة والتنمية" السلطة في تركيا نهاية 2002، حيث أصبحت العاصمتان من أهم حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد حتى بدايات ما يسمّى بـ"الربيع العربي" الذي كان سبباً في تصفير الجيران بدلاً من تصفير المشكلات مع هؤلاء الجيران. 

وفي جميع الحالات، ومهما كانت أسباب التكتيكات السياسية وخلفياتها في عواصم المنطقة وخارجها، فالشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية يدفع الثمن غالياً، وسط مساعي "البعض" لإقناع او إجبار نتنياهو على عدم اجتياح رفح، ناسين كل المجازر التي ارتكبها حتى الآن.

ومن دون أن يتذكر أحد أيضاً أن المجرم نتنياهو وبدعم مباشر أو غير مباشر من حلفائه، إقليمياً ودولياً، على وشك أن يبيد الشعب الفلسطيني برمّته، لولا مخاوفه من رد فعل إيران وحلفائها في المنطقة، مع استمرار التصعيد على الجبهة الشمالية مع حزب الله، وهو مصدر الرعب الحقيقي للكيان الصهيوني، ومن معه من الحلفاء والأصدقاء، خاصة بعد أن نجح الحزب في إقامة تحالفات استراتيجية مع المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها، والأهم مع الشعب الفلسطيني برمته.

وهو ما أشار إليه إسماعيل هنية خلال مقابلته مع قناة A التركية الموالية للحكومة ولم تنقله وسائل الإعلام العربية والدولية إذ      "شكر إيران على دعمها العسكري والسياسي للمقاومة الفلسطينية منذ بدايتها" واعتبر "موقف حزب الله عنصراً أساسياً في صمود المقاومة الفلسطينية" وقال "إنها كانت ستعاني من وضع صعب جداً لولا عمليات حزب الله في الجبهة الشمالية"، وأخيراً "حيّا صمود الشعب اليمني وتضامنه مع المقاومة الفلسطينية" وقال "إن معنوياتها مرتفعة جداً بسبب دعم وتضامن حزب الله وإيران واليمن".

وفي جميع الحالات، يبقى الرهان على مدى نجاح التكتيكات الإقليمية والدولية التي تحمل في طيّاتها الكثير من التناقضات، وأهمّها التهرّب من العمل المشترك ضد الكيان الصهيوني، أي الجاني، فتسعى للضغط على المجني عليه، أي حماس والشعب الفلسطيني، وإجباره على تقديم ما تبقى لديه من التنازلات بعد 200 يوم من الصبر الإلهي الذي أثبته هذا الشعب العظيم.

وفي جميع الحالات، يبدو أن الجميع ينتظر نتائج المباحثات التي سيجريها الرئيس إردوغان مع الرئيس بايدن في البيت الأبيض في الـ 9 من الشهر المقبل، وسط معلومات عن إلغاء هذا اللقاء في آخر لحظة من الجانب الأميركي وتحت ضغوط اللوبيات اليهودية.

ويعرف الجميع انزعاجها من تصريحات الرئيس إردوغان العنيفة ضد إرهاب الكيان الصهيوني وهمجيته. وأخيراً، تشبيه المقاومة الفلسطينية بنضال الشعب التركي ضد الدول الإمبريالية خلال حرب الاستقلال للفترة 1919-1923.

ويفسر ذلك رد فعل "تل أبيب" العنيف على لقاء إردوغان مع إسماعيل هنية وحديثه عن ضرورة معاقبة الكيان الصهيوني لما قام به من مجازر جماعية في غزة، إذ خاطب وزير خارجيتها كاتس بتغريداته في منصة X الرئيس إردوغان وقال له " عليك أن تخجل من كلامك هذا، ودعمك لحماس التي تقتل الأطفال ". 

فردّ عليه المتحدث باسم الخارجية التركية بتغريدة مماثلة ذكّره فيها بحرب الإبادة التي تقوم بها "إسرائيل" التي تلاحقها محكمة العدل الدولية. 

ويبقى الرهان في نهاية المطاف على نجاح التنسيق العربي والإقليمي ليكون ذلك الرادع الحقيقي للعدوان الإسرائيلي المستمر في غزة والضفة الغربية، ويعرف الجميع أنه لن يتوقف إلا عندما يثبت العرب والمسلمون لحكام "تل أبيب" أن العين بالعين والسن بالسن. 

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.