انقسام الحركة التقدمية لا يكفي لفوز كامالا هاريس

على الرغم من أن أركان النخب التقليدية في الحزب الديمقراطي استطاعت تفكيك الجبهة الداعمة لفلسطين داخل الحزب بعد قيامها بسحب بايدن، فإن ذلك يبقى غير كافٍ لنجاح هاريس التي تخوض معركة كبيرة مع ترامب.

0:00
  •  الحركة التقدمية في الولايات المتحدة ليست متجانسة.
    الحركة التقدمية في الولايات المتحدة ليست متجانسة.

على الرغم من أن استطلاعات الرأي المتعددة في الولايات المتحدة الأميركية تعطي أرجحية لكامالا هاريس بالفوز على دونالد ترامب، فإن تلك الاستطلاعات لا تبدو كافية للحزب الديمقراطي للاطمئنان إلى أن مرشحته الرئاسية ستكون في البيت الابيض لفترة أربعة أعوام مقبلة.

لقد أظهرت استطلاعات الرأي لعام 2016 تقدماً لهيلاري كلينتون على دونالد ترامب، لكنّ النتائج أتت مغايرة للاستطلاعات. كذلك، في عام 2020، أظهرت أغلبية استطلاعات الرأي أن المرشح الديمقراطي جو بايدن سيخسر الانتخابات أمام الرئيس في السلطة آنذاك دونالد ترامب، لكنه فاز، الأمر الذي جعل الجمهوريين يتهمون الديمقراطيين بتزوير الانتخابات.

أما بالنسبة إلى حظوظ كامالا هاريس في الفوز، فإن التبرعات الهائلة، التي حصلت عليها والتي تفوقت على التبرعات التي حصل عليها الحزب الجمهوري، لا تكفي وحدها ما لم تستطع هاريس أن تدافع عن نفسها وعن إدارة جو بايدن فيما خص التضخم الاقتصادي والهجرة غير الشرعية، والحصول على تأييد الناخبين الأميركيين المؤيدين لغزة، وخصوصاً في الولايات المتأرجحة.

وكان الناشطون المؤيدون لغزة، وهم من فئات الشبان، ومن العرب والمسلمين وغيرهم، يعولون على "الحركة التقدمية" في الحزب الديمقراطي للضغط على كامالا هاريس لتغيير خطاب الإدارة بشأن دعم "إسرائيل"، ووقف إطلاق النار، وحظر تصدير السلاح الأميركي إلى "إسرائيل"، والذي تستخدمه لارتكاب الإبادة في غزة.

وكان عدد من المجموعات الشبابية والناشطين التقدميين عبّر عن دعمه حقوق الفلسطينيين، وهو ما أدى إلى انتفاضة الطلبة في الجامعات. كذلك، أعربت منظمات مثل Sunrise Movement، التي تركز في المقام الأول على القضايا البيئية، عن تضامنها مع الفلسطينيين، بالإضافة إلى حركة Black Lives Matter التي أكدت أوجه التشابه بين نضالات الأميركيين السود والفلسطينيين.

لكن من المفيد القول، بصورة عامة، إن الحركة التقدمية في الولايات المتحدة ليست متجانسة، ويمكن أن تتباين وجهات النظر داخلها بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على الرغم من أن الأغلبية العظمى من الحركة التقدمية كانت مؤيدة لفلسطين، وخصوصاً المجموعات التي تمثّل الشبان والتقدميين الأصغر سناً، والذين ينتقدون السياسة الخارجية الأميركية والدعم غير المحدود لــ"إسرائيل"، ويدافعون عن حقوق الفلسطينيين.

لكن، بعد انسحاب جو بايدن وترشيح كامالا هاريس، حدث انقسام داخل الحركة التقدمية نفسها بشأن تأييد هاريس، على الرغم من عدم إعطاء أي وعود انتخابية واضحة للحركة التقدمية، وعلى الرغم من محاولتها إمساك العصا من الوسط، وتعهدها الدفاع عن "إسرائيل" وحمايتها، على نحو يشير إلى عدم رغبتها في تغيير مسار جو بايدن وإدارته في مسألة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على النحو التالي:

- على صعيد المنظمات: قامت مجموعة من المنظمات التقدمية، مثل مركز العمل الديمقراطي الشعبي، وحزب العائلات العاملة، ومنظمة العمل الشعبي، بجهود تعبئة شعبية واسعة النطاق لدعم هاريس، مشيدةً بدورها في تمرير تشريعات مهمة، مثل قانون الحد من التضخم، بينما قامت منظمات أخرى بحجب الدعم عن هاريس لأسباب متعددة، منها ما هو متعلق بالأجندة التقدمية نفسها، ومنها ما هو متعلق بفلسطين.

- على صعيد الشخصيات، أحجم النائب البارز، برني ساندرز، عن تأييد كامالا هاريس مطالباً بالتزامات أكثر واقعية بأجندة الطبقة العاملة وغيرها من الأولويات. أما أعضاء "squad" فانقسموا ايضاً، فأعلنت شخصيات رئيسة، مثل النائبتين ألكساندريا أوكاسيو كورتيز وإلهان عمر وغيرهما تأييد كامالا هاريس، وشددت على أهمية وحدة الحزب لهزيمة دونالد ترامب، بينما انتقدت النائبة رشيدة طليب تعامل الإدارة مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولم تؤيد هاريس.

في المقابل، أعربت عدة مجموعات داخل الحزب الديمقراطي عن معارضتها الشديدة لدعم نائبة الرئيس، كامالا هاريس، ما لم تتخذ موقفاً أكثر تأييداً للفلسطينيين. وفيما يلي بعض النماذج:

1. "نساء مسلمات من أجل هاريس - والز": انحلت هذه المجموعة احتجاجاً على رفض اللجنة الوطنية الديمقراطية السماح لأميركية فلسطينية بالتحدث في مؤتمر الحزب الديمقراطي، أسوة بأهالي الأسرى الإسرائيليين في غزة. وأكدت الجمعية أنهم لا يستطيعون، بضمير مرتاح، مواصلة دعمهم نظراً إلى عدم وجود تمثيل للأصوات الفلسطينية.

2. "حركة غير ملتزم": كانت هذه الحركة، التي نظمت عدداً كبيراً من الأصوات "غير الملتزمة" خلال الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، صريحة بشأن مطالبها باتباع نهج أكثر توازناً في التعامل مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وطالبوا بفرض حظر على الأسلحة الإسرائيلية، وإلا فإن اصواتهم لن تُمنح للحزب الديمقراطي سواء كان المرشح جو بايدن أو كامالا هاريس.

وأوضح عدد من الناشطين والجماعات المؤيدة للفلسطينيين عدم دعم هاريس ما لم تلتزم الانفصال عن سياسة جو بايدن بشأن الدعم غير المشروط لـ"إسرائيل"، والسعي بجدية لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة.

في المحصلة، على الرغم من أن أركان النخب التقليدية في الحزب الديمقراطي استطاعت تفكيك الجبهة الداعمة لفلسطين داخل الحزب بعد قيامها بسحب جو بايدن، فإن ذلك يبقى غير كافٍ لنجاح هاريس التي تخوض معركة كبيرة مع دونالد ترامب، ويبقى عليها أن تضمن أصوات المؤيدين لفلسطين في الولايات المتأرجحة، ومنها ميشيغان وبنسلفانيا  وويسكنسون، للفوز في الانتخابات.