عن فلسطين وتايوان والعضوية في الأمم المتحدة

يتباين وضع فلسطين عن وضع تايوان. ففلسطين دولة تم تقسيمها من جانب الأمم المتحدة عام 1947 لمصلحة إنشاء "دولة" يهودية وفلسطينية، بينما تايوان هي جزء من أراضي الصين.

  • فلسطين حالياً هي مراقب غير عضو في الأمم المتحدة.
    فلسطين حالياً هي مراقب غير عضو في الأمم المتحدة.

اعتمدت مؤخراً الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بأغلبية ساحقة، تقدمت به الإمارات العربية المتحدة، يوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في عضوية فلسطين بصورة إيجابية، نظراً إلى أنها تملك المقومات التي تؤهلها لتصبح عضواً في المنظمة الدولية. وحظي القرار بتأييد 143 دولة ورفض 9 أعضاء، بينهم "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية، في حين امتنعت 25 دولة عن التصويت. 

وسبق لمجلس الأمن أن فشل، الشهر الماضي، في تبني قرار كانت تقدمت به الجزائر يوصي بقبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة، بسبب استخدام واشنطن حق النقض (الفيتو)، مع أنه حصل على موافقة 12 دولة بينما امتنعت بريطانيا وسويسرا عن التصويت.

وأظهرت الموافقة الساحقة في مجلس الأمن على قبول عضوية دولة فلسطين، واعتراض الولايات المتحدة الأميركية منفردة على القرار، أن واشنطن تعاني عزلة دولية.

كما يدل قيامها بممارسة الضغوط على الأعضاء، من أجل عدم التصويت على انضمام فلسطين إلى المنظمة الدولية، على الإحراج الذي أوقعت نفسها فيه بسبب رفضها قبول عضوية فلسطين لحماية "إسرائيل" في ظل ارتكاب الأخيرة المجازر بحق الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع من العالم أجمع.

فلسطين حالياً هي مراقب غير عضو في الأمم المتحدة. وأخذت هذه الصفة بموجب قرار الجمعية العامة رقم 19/67، تاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمير 2012، والذي حصل على تأييد 138 دولة ومعارضة 9 دول وامتناع 41 دولة عن التصويت.

وبالعودة إلى القرار الأخير للجمعية العامة، فالملاحظ هو ارتفاع عدد الدول المؤيدة لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وبالنظر إلى الأعضاء الذين رفضوا القرار، باستثناء واشنطن "وتل أبيب"، فأغلبيتهم دول صغيرة لا وزن لها في الساحة الدولية.

وفي إطار آخر، فإن الدول الرافضة للقرار أو الممتنعة عن التصويت عليه أو المتغيبة عن الجلسة، فإن بعضها يعترف بتايوان ويقيم علاقات دبلوماسية بها.

قضية تايوان هي مسألة تؤرّق الصين التي تَعُدّها خطاً أحمر بالنسبة إليها. فبكين تَعُدّ تايوان جزءاً من أراضيها، وهي إقليم منشق، بينما الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في تايوان يَعُدّ الجزيرة ذات سيادة وينادي باستقلالها عن الصين، ويتلقى الدعم من الأطراف الخارجية.

منذ عام 1945، كانت تايوان تحتل المقعد المخصص للصين في الأمم المتحدة، إلا انه، في عام 1971، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على القرار رقم 2758 الذي يلزم تايوان بترك مقعدها لبكين (جمهورية الصين الشعبية) التي أسسها الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ، عام 1949.

وتايوان اليوم ليست عضواً في الأمم المتحدة، ولا يعترف بها سوى عدد قليل من الدول، وسعت تايبيه، خلال العقود الماضية، للانضمام إلى الأمم المتحدة. مثلاً في العام 2007، طالبت تايوان بمعالجة طلبها الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة حينها، بان كي مون، رفض قبول الطلب على أساس أنه وفقاً لقرار الجمعية العامة رقم 2758 تَعُدّ الأمم المتحدة تايوان جزءاً لا يتجزّأ من جمهورية الصين الشعبية.

حالياً، لا يعترف بتايوان سوى 12 دولة، جلّها دول صغيرة. وآخر الدول، التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية بتايوان لمصلحة الصين، أوائل هذا العام، هي دولة ناورو التي صوتت ضد قرار منح العضوية الكاملة لفلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً.

وبين الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية بتايوان دول امتنعت أو رفضت مشروع قرار قبول فلسطين عضواً في الأمم المتحدة. من هذه الدول بالاو، التي صوتت ضد القرار، وجزر مارشال التي امتنعت عن التصويت، بينما تعيبت توفالو واسواتيني عن حضور جلسة الجمعية العامة.

يتباين وضع فلسطين عن وضع تايوان. ففلسطين دولة تم تقسيمها من جانب الأمم المتحدة عام 1947 لمصلحة إنشاء "دولة" يهودية وفلسطينية، بينما تايوان هي جزء من أراضي الصين.

فلسطين معترف بها من 139 دولة، وينوي مزيد من الدول الاعتراف بالدولة الفلسطينية، الأمر الذي يعني أن أكثر من 70 % من دول العالم تعترف بفلسطين، بينما تايوان تحظى باعتراف 12 دولة، ويتقلص عددها باستمرار.

على افترض عرض مسألة قبول تايوان عضواً في الأمم المتحدة، فهل سيحظى القرار بالموافقة؟

من الطبيعي أن تستخدم الصين وروسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد قبول عضوية تايوان في الأمم المتحدة. من جهة أخرى، سيكون عدد الدول الرافضة أو الممتنعة عن التصويت أو المتغيبة عن حضور الجلسة كبيراً جداً، حتى لو تعرضت لضغوط أميركية لقبول القرار. والسبب هو خشية هذه الدول من إغضاب بكين، التي تُعَدّ من أكبر الشركاء التجاريين لمعظم دول العالم، حتى إن الولايات المتحدة ستجد نفسها في موقف صعب بين قبول العضوية وتوتير علاقاتها بالصين.

كما أن إقامة العلاقات الدبلوماسية بتايوان تعني قطع العلاقات الدبلوماسية بالصين، لأن الأخيرة تشترط لإقامة العلاقات بها الاعتراف بمبدأ الصين الواحدة.

وحتى إن حصول تايوان على صفة مراقب غير عضو سيؤثر في علاقات الدول ببكين. وعليه، فإن عضوية تايوان في الأمم المتحدة معقَّدة، ويمكن أن يترتب عليها ضمّ تايوان إلى الصين بالقوة العسكرية.

منذ العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والمجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني، أخذت القضية الفلسطينية تنتشر أكثر عالمياً، وبدأت الشعوب تعي حقيقة الكيان المغتصب لأرض فلسطين، وراح يزداد عدد الدول التي تنوي الاعتراف بدولة فلسطين. وما القرار الذي صدر مؤخراً عن الجمعية العامة، سوى دليل على أن دول العالم تؤيد منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، إلا أن الرفض الأميركي هو من يعرقل ذلك خدمة لـ "إسرائيل".

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.