مطاردة الساحرات في تحالف الجنس والسياسة والمال بين إبستين والموساد

تتفاعل قضية إبستين مجدّداً مع الإفراج عن مئات الوثائق حول فضائح أغنياء وساسة أميركا والعالم، وهي فضائح من العيار الثقيل ليس أقلّها تنظيم الدعارة ولا أكثرها الاتّجار بالقاصرات.

0:00
  • تحالف الجنس والسياسة والمال بين إبستين والموساد.
    تحالف الجنس والسياسة والمال بين إبستين والموساد.

اعتُقل الملياردير الأميركي جيفري إبستين عام 2005 وأُدين عام 2008 بتهمة الاعتداء الجنسي، ثمّ اعتُقل مجدّداً عام 2019 حتى عثر عليه ميتاً في زنزانته، ولكنّ قضيته بكامل ارتداداتها لم يتمّ طيّها، وهذه المرة كونه عميلاً للموساد الإسرائيلي، وكيف استغلّ كامل ارتباطاته الغامضة ليفتح قارة أفريقيا لأنظمة التجسس الإسرائيلية منذ عام 2012، في وقت تتركز فيه مطاردة قضيته على الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين، وأيّهما أكثر تورّطاً قي "قوائم إبستين الفضائحية".

 تتفاعل قضية إبستين مجدّداً مع الإفراج عن مئات الوثائق حول فضائح أغنياء وساسة أميركا والعالم، وهي فضائح من العيار الثقيل ليس أقلّها تنظيم الدعارة ولا أكثرها الاتّجار بالقاصرات، بعد أن دعا الرئيس الأميركي ترامب السلطات الفدرالية إلى التحقيق في صلات شخصيات ديمقراطية بارزة بهذه القوائم، عقب نشر هؤلاء لرسائل من تركة إبستين تتضمّن اتهامات مباشرة لترامب بأنه "قضى ساعات" مع إحدى ضحايا إبستين، فيرجينيا جوفري، والتي انتحرت قبل عدة أشهر، وهو الذي سبق أن وعد ناخبيه خلال حملته الانتخابية عام 2024 بنشر سجلات عن إبستين في حال فوزه بالانتخابات، لكنه لم يفعل ذلك حتى الآن.

انفرط غموض قضية إبستين منذ سنوات، ليتكشّف عن حقيقة أصحاب النفوذ السياسي والمالي والاجتماعي في أميركا، حقيقة مقزّزة حتى بنظر الطيف الإعلامي الأميركي الذي قصّر متابعاته على السجال الحزبي الداخلي، من دون أن يخصّص نقطة في كون هذا الملياردير الأميركي عميلاً لصالح جهاز مخابرات دولة تبعد عن المحيط الأطلسي أكثر من عشرة آلاف كم، وهو يحتفظ بمقاطع شخصيّة حسّاسة ومخجلة لأبرز قادة أميركا، في أبرز الفضائح عبر التاريخ الأميركي.

وتضمّنت ملفات قضية إبستين أسماء الكثير من الشخصيات العالمية البارزة مثل؛ الأمير البريطاني أندرو، والرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون والحالي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، والمغني مايكل جاكسون، وحاكم ولاية نيو مكسيكو الأسبق بيل ريتشاردسون.

وكان الصحافي الأميركي تاكر كارلسون، وهو مذيع محافظ وشهير في قناة فوكس نيوز، جاهر بإثارة حقيقة عمل إبستين لصالح "إسرائيل"، قائلاً "السؤال الحقيقي هو لماذا كان إبستين يفعل هذا؟ ونيابة عمّن؟ ومن أين كان يأتي بالأموال؟" بعد تأكيده أنّ إبستين كان يعمل لصالح الحكومة الإسرائيلية وليس لصالح المخابرات الأميركية، وهو ما كان يصعب قوله سابقاً حيث يتهم قائله بمعاداة السامية، أما هذه الأيام فقد تجاوز الشعب الأميركي هذه العقدة، مؤكّداً أنّ المواطنين الأميركيين لديهم الحقّ في توقّع عدم تصرّف حكوماتهم ضدّ مصالح الشعب والمطالبة بعدم السماح للحكومات الأجنبية بالتصرّف أيضاً ضدّ هذه المصالح. 

كلام كارلسون يؤكّد ما سبق أن كشفه ضابط إسرائيلي سابق يُدعى آري بن ميناشي، في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" عام 2020، أنّ كلّاً من جيفري إبستين ووالد زوجته؛ غيسلين ماكسويل، كانا عميلين إسرائيليين، وأنّ جميع الفضائح المذكورة في قضية إبستين قد تمّ تدبيرها لصالح الموساد بهدف جمع المعلومات وابتزاز الشخصيات المشهورة.

كما ادّعى الضابط ميناشي، أنّ الأمير البريطاني أندرو تمّ خداعه واستخدامه لجلب أسماء مشهورة إلى إبستين، وأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، كان على علم بما يجري، وذكر أنّ وزير العمل الأميركي السابق ألكسندر أكوستا، قال إنّ إبستين، كان يعمل لصالح الاستخبارات الإسرائيلية.

وسبق للمراسل الاستقصائي في صحيفة ميامي؛ هيرالد أن تساءل: هل كانت للمموّل جيفري إبستين، المتوفى والمدان بارتكاب جرائم جنسية، صلاتٌ بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية؟ يجيب "أنّ التفاصيل الموثوقة التي تربط بينهما ليست مستبعدة، وتحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة"، ويستند ذلك إلى الصحافية الاستقصائية الأميركية جولي ك. براون، والبالغة من العمر 59 عاماً، وهي مؤلفة كتاب "تحريف العدالة: قصة جيفري إبستين" والذي صدر في 20 تموز/يوليو الماضي  أنه ليس من المستبعد أن تكون لإبستين صلات بمجتمع الاستخبارات الإسرائيلي". وتضيف هذه الصحافية لصحيفة تايمز أوف إسرائيل "من المؤكّد أنّ روبرت ماكسويل وهو والد زوجة إبستين كان لديه مثل هذه الاتصالات، وكان الأخير على علاقة وثيقة مع روبرت ماكسويل".

أخيراً لم تعد العلاقة بين إبستين والموساد مجرّد تحليلات وتسريبات إنما صارت حقيقة، خاصة مع ما تمّ كشفه عبر موقع "دروب سايت" الأميركي من وثائق ورسائل إلكترونية متضمّنة عشرات المستندات الرسمية، تظهر أنّ هذا الملياردير أدّى دوراً سرياً في تسهيل المفاوضات بين "إسرائيل" ودولة ساحل العاج، لتوقيع اتفاق أمني يتيح مراقبة الاتصالات في الدولة الأفريقية بمساعدة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، والذي عمل وإبستين منذ عام 2012 مع حكومة الرئيس الحسن وتارا في أبيدجان، بهدف تسويق تقنيات المراقبة الإسرائيلية وتوسيع نفوذ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في أفريقيا، وكان باراك حينها وزيراً للدفاع، وقد استغلّ علاقاته الرسمية لترويج عقود أمنية مع دول تعاني اضطرابات سياسية، في حين وفّر إبستين الغطاء المالي والسياسي لهذه الاتصالات.

وكانت رسائل إلكترونية مسرّبة من مجموعة القرصنة "هاندالا"، أكّدت العلاقة بين إبستين والموساد، إضافة إلى وثائق نشرها الكونغرس الأميركي الشهر الماضي تكشف أنّ إبستين رتّب لقاءات بين باراك ومسؤولين أفارقة، لإقامة نظام مراقبة شامل للاتصالات الهاتفية والإنترنت وضع تصميمه ضباط سابقون في الاستخبارات الإسرائيلية، وأنّ هذه المساعي تطوّرت لاحقاً إلى اتفاق رسمي بين "إسرائيل" وساحل العاج وُقّع عام 2014، وقد جرى تنفيذ الاتفاق رسمياً في حزيران/يونيو 2014 عندما وقّع وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك أفيجدور ليبرمان اتفاق التعاون الأمني في أبيدجان بحضور أكثر من 50 رجل أعمال إسرائيلياً، وهو ما مكّن "إسرائيل" من توسيع شبكتها الأمنية في أفريقيا واستخدام التكنولوجيا لتعزيز نفوذ حلفاء محليّين في أنظمة سلطوية.

تطوّرت التحليلات والتحقيقات وتكشّفت الحقائق عبر رسائل ووثائق ومعلومات، ما يمكن أن يدفع حقيقة ارتباط إبستين بـ "إسرائيل"، لتساهم مع غيرها في تعرية الواقع الأميركي المباح للعبث الإسرائيلي، ولعلّ فوز زهران ممداني عمدة لنيويورك وهو الناقد اللاذع لـ "إسرائيل"، أن يكون البداية في وضع الشعب الأميركي أمام الحقيقة المحزنة، حقيقة أنّ "إسرائيل" تتلاعب بأصحاب النفوذ في أميركا عبر إسقاطهم في أقذر أنواع الخلاعة، ما يؤدّي بالنتيجة لخدمة مصالح "إسرائيل" الأمنية، ولو عبر استدراج فتيات أميركيات قاصرات في نيويورك وفلوريدا وهنّ دون سن الـ14 عاماً، تحت غطاء "جلسات تدليك" لممارسة العهر الجنسي مع أصحاب النفوذ والمال.