كيف تستجيب الجيوش للثورات ولماذا تؤيدها أو تواجهها؟

السؤال الذي طرحه زولتان باراني في كتابه "كيف تستجيب الجيوش للثورات؟ ولماذا؟" بعد "ثورات الربيع العربي" وثورات أخرى قبلها، عن مواقف الجيوش من هذه الثورات.

كتاب "كيف تستجيب الجيوش للثورات؟ ولماذا؟" للباحث زولتان باراني

حاول زولتان باراني الخبير الدولي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة تكساس في كتابه  الصادر أخيراً عن الشبكة العربية للانتشار والنشر، تتبّع مسار ثورات شعبية عدة، بدءاً من إيران، وبورما، فالصين، ثم دول أوروبا الشرقية، وصولاً إلى ما حصل في الدول  العربية، والذي سمّي ربيعاً، كما في تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين وسوريا، إلى ما جرى في بعض الملكيات العربية.

قسّم الباحث كتابه إلى مقدمة وخمسة فصول و خاتمة.

أشار في المقدمة إلى تعنيف الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لأجهزة الاستخبارات الأميركية لفشلها في التنبؤ بحدوث الثورات في العالم العربي، وبيّن استياءه من خطأ المحللين العسكريين في تقدير تحركات الجيش التونسي، والانهيار السريع لنظام الرئيس زين العابدين بن علي. من هنا طرح زولتان باراني سؤاله عن موقف الجيش من الثورة، وهل مصير أي ثورة أو انتفاضة أو حراك شعبي مرهون إلى درجة كبيرة بموقف الجيش منها.

في الإجابات التي طرحها في كتابه حاول باراني أن يسد الثغرة في الدراسات المتعلقة بالثورة، والتي ركّزت على أسباب الثورة وعلى عواقبها، ولكنها أهملت دراسة ردة فعل الجيوش ودورها في تحديد مسار الثورة.

يقدم باراني في الكتاب إطاراً معرفياً يتيح للقارئ التكهن حول الدور الذي يلعبه الجنرالات وقادة الجيش في الثورات، كتحسين للوسائل غير العلمية في التوقع، والتي يميل الباحثون وواضعو السياسات إلى الاعتماد عليها كقاعدة لبناء أحكامهم.

ويرى زولتان أنه لايمكن أن يكتب النجاح لأي انتفاضة، من دون أن تتلقى دعماً من الجيش، أو على الأقل إذعان القوات المسلحة، وفي المقابل، يرى أن دعم الجيش ليس بكافٍ لإنجاح الثورة، لأن الثورات تحتاج لتضافر العديد من القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المكان الصحيح، وفي الوقت الصحيح كي يكتب لها النجاح. ويسوق زولتان حجتين مركزيتين لنجاح أي ثورة أو انتفاضة شعبية، الأولى، مفادها أن استجابة القوات المسلحة في نظام ما لأي انتفاضة أمر جوهري في نجاحها أو فشلها، والثانية هي نمط استجابة جيش ما نحو الثورة، وعلاقته بالدولة والمجتمع والبيئة الخارجية التي تحيط به.

 

مفهوم الثورة

يبدأ زولتان باراني بمناقشة مفهوم الثورة، والتعريف الذي اتفق عليه علماء الاجتماع، لكنه رأى أن مفهوم الثورة برغم أولويته وأساسيته في العلوم الاجتماعية، إلا أنه لم يحظَ بتعريف متفق عليه، فالتباين في تحديد جوهر هذا المفهوم جعل عالم الاجتماع بارينجتون مور جونيور صاحب كتاب (الأصول الاجتماعية للديكتاتورية والديمقراطية)، لا يعترف إلا بأربع ثورات في التاريخ هي: الثورات الإنجليزية، والفرنسية والروسية والصينية،  بينما أحصى زميله بيتيريم سوروكين مؤسس ورئيس قسم علم الاجتماع في جامعة هارفارد الأميركية أكثر من ألف ثورة، ويرجع هذا الاختلاف الشديد في تعريف الثورة، في من يراها الاستيلاء على السلطة،  ومن يراها مجرد إنقلاب لا ينطوي على ما يزيد عن تغيير الأفراد الحاكمين.

 

الموقف المحتمل للمؤسسة العسكرية:

في هذا السياق يقدم زولتان نظريته في تحليل الموقف المحتمل للمؤسسة العسكرية على تبني أربعة نطاقات للمعلومات، يرى أن الجيش يعتمد عليها في اتخاذ قرار تعامله مع الثورة، هي:

 

أولاً، المؤسسة العسكرية:

يبدو أن العامل الأكثر الأهمية عند المؤلف هو تماسك الجيش ووحدته، إذ أن الجيش المتماسك قادر على اتخاذ قرار موحد إما بشأن دعم بقاء النظام، أو الوقوف إلى جانب الثورة ودعمها،  كما يضع مؤشرات لهذا التماسك، تتجلى في التباينات العرقية والدينية والقبلية والمناطقية، لأن هوية الفرد تتحدد بالانتماء الإثني أو الديني أو الطائفي، وإذا ما لعبت ثورة ما على ذلك فإنها قد تكسب ولاء الجيش وضباطه.

المؤشر الثاني للتماسك هو عدم الانصياع للانقسامات الجيلية، أي أن العمر بالنسبة للضباط أو صف ضباط، يترجم إلى مزيد من الصلاحيات والسلطات والمسؤوليات، بالإضافة إلى أن الضباط الأصغر سناً لا يرتبطون بالنظام ارتباطاً كبيراً لحداثة انتمائهم له،  وأيضاً، إذا كانوا من بيئات اجتماعية مختلفة، من حيث الوضع الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي، فيعاملون بازدراء من قبل الضباط، الأمر الذي يدفعهم إلى عدم الوثوق بالجيش وقيادته، وهذا يؤثّر على الموقف الموحد للجيش، حيث ستدافع قوات النخبة عن النظام للحفاظ على امتيازاتها، في حين تسعى بقية وحدات الجيش للإطاحة به. ويورد زولتان ما حدث في غانا مع الرئيس كوامي نكروما، وفي المقابل، يقول لا يمكن الجزم بذلك، ففي إثيوبيا حدث العكس إذ أطيح بنظام هيلا سيلاسي على يد الحرس الإمبراطوري الذي شكّله وسلّحه ومنحه امتيازات خاصة لتأمينه في الحكم.

ومن تلك المؤشرات أيضاً، التحيّزات على أساس سنة التخرج الأكاديمي لكل دفعة، والأحقية في الترقية والرتبة، مثلما شهدت بعض الجيوش كأندونيسيا والسلفادور وكوريا الجنوبية وتايلاند. ولم يغفل المؤلف الإشارة إلى موضوع التباين بين المجندين إجبارياً وبين الجنود المحترفين، حيث إن الجنود المحترفين أكثر ولاء للنظام من الجنود المجبرين على الالتحاق بالمؤسسة العسكرية.

وآخر ما يورده زولتان حول تماسك الجيش والمؤسسة العسكرية هو رؤية الجيش لشرعية النظام، بمعنى آخر، كيف ينظر الضباط إلى القادة السياسيين وشرعيتهم في الحكم؟

كما أن سلوك الجيش تجاه المجتمع يحدد ردة فعله على الثورة، فالجيش الذي له سوابق في القمع سيكون أجرأ وأكثر استعداداً من الجيش الذي لم يمارس قمع المواطنين في السابق.

 

 ثانياً، عوامل تتعلق بالدولة:

يأتي تأثير العوامل المتصلة بالدولة في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد العوامل العسكرية في التأثير على قرار قيادة الجيوش تجاه الثورات، وهنا يطرح زولتان سؤالين، الأول: كيف تعامل النظام الحالي مع الجيش؟ والثاني: ما الذي يريده النظام الحالي من الجيش أن يفعله حيال الثورة؟.

 

معاملة النظام للجيش:

تأخذ العناية بالجيش ثلاثة اتجاهات، أولها: الاهتمام بالوضع المادي وبرفاهية أفراد الجيش، وينعكس ذلك الاهتمام في الرواتب اللائقة والعلاوات المستمرة، أما الاتجاه الثاني فيتعلق بالعناية بتطوير بناء الجيش تسليحاً وتدريباً، ويتعلق الاتجاه الثالث بطبيعة المهام التي يكلّف النظام بها جيشه، وتؤثّر على موقفه منه، فإذا كان النظام يورط الجيش في مهام لا تناسبه، سيدفع به إلى الالتحاق بالثوار بدل الدفاع عنه. كما أن توريط الجيش في حروب يمكن تفاديها أو لا ضمانات للانتصار فيها قد تكون سبباً في خذلان الجيش للنظام، ذلك لأن الجيوش لا تحب الهزيمة، وهذا ما حدث في حالة كومونة باريس 1871. فعلى الرغم من أن الحرب الفرنسية مع بروسيا امتدت لفترة وجيزة، إلا أن هزيمة فرنسا كانت مهينة للغاية، وهناك أمثلة أخرى حدثت في مراحل لاحقة من الحرب العالمية الأولى، عندما جرفت ثورات عارمة، بمشاركة الجنود الذين لا يزالون في الخدمة الفعلية، أو الذين تمَّ تسريحهم من الإمبراطوريات العثمانية والألمانية والنمساوية وغيرها.

كما أن الاستقلال المهني للجنرالات وسلطتهم في اتخاذ القرارات، له كبير الأثر على موقف الجيش من النظام والثورة، فإذا كانت الدولة تتدخل في أدق تفاصيل الحياة العسكرية، وتلغي دور كبار الضباط فإن ذلك سيفقدهم الولاء المطلق للنظام، أما إذا كان النظام يترك لهم حرية اتخاذ القرارات، فإن ذلك غالباً ما يؤدي إلى وقوفهم إلى جانب النظام ضد الثورة.

ثم إن قرار الجيش يتأثر بمدى شفافية قرارات النظام المتعلقة بالتعيينات العليا، والقرارات الشفافة في تعيينات الجيش التي تقوم على ركيزتي الكفاءة والأقدمية، وأخيراً وحسب زولتان فإن موقف الجيش يتأثر بمدى هيبته واحترامه من الشعب، فإذا كان النظام يقوم بما يستدعي احترام مهنة الجيش من قبل الشعب، فإن هذا سيجعل الجيش أكثر ولاء، ولكن ليست هذه قواعد أساسية، فقد يحدث عكس ذلك، كما حدث مع خذلان الجيش المصري لنظام حسني مبارك في ثورة كانون الثاني/ يناير، فبرغم الامتيازات المادية الكبيرة التي استمر الجيش في الحصول عليها لعقود، إلا أنه عانى من ثلاث مظالم كبرى تتعلق بالمصالح المعنوية، وهي تناقص النفوذ السياسي للجيش، والازدراء الشديد الذي كان يكنه لجمال مبارك، وعجز النظام عن حل قضايا البطالة بين الشباب والتطرف.

 

طبيعة أوامر النظام للجيش:

تحتاج القوات المسلحة خلال الثورات والانتفاضات إلى أوامر لا لبس فيها، أوامر تجيب على أسئلة من قبيل، متى على الجيش أن يتدخل وبأي طريقة؟ هل يستخدم الأسلحة الثقيلة والذخيرة الحية أم يتقيد بأساليب الشرطة غير القاتلة؟

إن الجنرالات الذين يحصلون على أوامر واضحة ومحددة من قادة سياسيين حازمين يستجيبون للثورة بشكل يختلف عن أولئك الذين يحصلون على أوامر متضاربة أو غير واضحة، ويضرب المؤلف مثالا للأوامر الواضحة بما حصل مع الجيش الامبراطوري الروسي خلال ثورة 1905 التي أحبطها، وللأوامر المشوشة بثورة شباط التي أطاحت بالنظام القيصري.

 

العوامل المجتمعية:

ثالث المصادر الرئيسة للمعلومات التي تضعها القوات المسلحة في اعتبارها أثناء مواجهة الثورة هو المجتمع ككل، والتي عادة ما تبدأ بتظاهرات شعبية، وسيتأثر الجيش بشكل كبير اعتماداً على خصائص هذه التظاهرات، كذلك تشمل تصور الجنرالات لحجم الدعم الشعبي الذي تتمتع به الثورة، ودرجة التهديد الذي تمثلّه على النظام، فضلاً عن محاولات الثوار التقارب مع أفراد الجيش، وبما أن المجتمع هو منتج الثورة، فإنه لا بد للجيش أن يأخذ هذه الأمور بالحسبان قبل أن يتخذ أي قرار سواء بدعمها أو قمعها، ومن الأمور التي تؤثر على قرار الجيش وتصرفاته:

 

حجم وتكوين وطبيعة التظاهرات:

إن حجم التظاهرات يمثل عاملاً رئيساً في طبيعة تعامل الجيش مع الثورة، فعادة ما يتم احتواء التظاهرات الصغيرة من قبل الشرطة أو الأجهزة الأمنية، لكن إذا زاد حجم التظاهرات فإن احتمال تدخل الجيش يصبح وارداً، وإذا ما نزل الجيش للتظاهرات فإن ذلك يعني أن النظام قد اتخذ قراره بسحق التظاهرات، لكن المؤلف يرى أنه لا توجد علاقة مطردة بين ضخامة الحشود المشاركة في الثورة وبين قرار الجيش تجاهها، ثم إن هناك عاملاً آخر يعتبر أكثر أهمية من حجم الحشد وهو طبيعة المتظاهرين، أعمارهم وأجناسهم، والفئات والشرائح التي يمثلونها.

كما تمثل الهوية العرقية والدينية للمتظاهرين عاملاً آخر في تحديد موقف الجيش من الثورة، ويعطي زولتان ثلاثة احتمالات لأي حراك ثوري، فإما أن تظل الاحتجاجات رسمية، أو أن تتخذ منحى أكثر اضطراباً، أو تقرر التحول إلى العنف، خاصة، إذا ما تمت مواجهة المتظاهرين بقوات الأمن.

 

شعبية الثورة: ثمة عامل آخر يدخل في حسابات الجيش، وهو تصور كبار الضباط لحجم الدعم الشعبي للثورة، ومن المؤكد أن القادة العسكريين يميلون لدعم الثورة التي تحظى بتأييد مجتمعي واسع، فهم يخافون من  الثورة التي يحتملون نجاحها، وذلك لما يتوقعونه من محاكمات لهم بسبب جرائمهم واختلاسهم حتى من ميزانية الدفاع. ويورد زولتان مثال ذلك قادة الجيش الكوبي الذين لم يكن أمامهم إلا دعم نظام باتيستا لأنهم عرفوا أن أمامهم خيارين، إما أن يبقوا إلى جانب النظام حتى آخر رمق، وإما أن يغادروا الجزيرة قبل أن يتم إعدامهم من قبل كاسترو وثواره.

 

التقارب مع الثوار: كثيراً ما يتردد مشهد الثوار وهم يضعون الزهور على الدبابات أو في فوهات البنادق، إنهم يلجأوون  للتقرب من الجيش كما يسعون لإثارة سخطه على النظام من خلال الحديث عن تعامله السيء مع صغار الجنود ومتوسطي الرتب العسكرية، كما يقومون بتقديم وعود بتبني سياسات مقبولة من قبل الجيش مع انتصار الثورة. وفي معظم الحالات يستمع الجنود والقيادات المتوسطة إلى نداءات الثوار لأنهم في الغالب أقل ارتباطاً بالنظام، ولأنهم يرون في الثورة الأمل بتحسين ظروفهم المهنية والمعيشية، وقد استخدم هذا التكتيك في ثورات عديدة،  ونجحت بشكل كبير كما في فرنسا (1789-1848-1871) وروسيا عام 1917، والمجر 1956، وإيران في العام 1979.

 

رابعاً، العوامل الخارجية:

كل العوامل السابقة التي ناقشها زولتان في كتابه هي عوامل داخلية، بمعنى أنها تنشأ داخل القوات المسلحة، والدولة، والمجتمع، ومع ذلك هناك عوامل خارجية، يمكنها أن تقلب المعادلة، وتغيّر بالكامل قرار الجيش بشأن الثورة إذا ما توفرت الظروف المناسبة.

ومن الأمور الخارجية التي تضعها الجيوش في حسابها قبل اتخاذ قرارها تجاه الثورة، احتمالات التدخل الأجنبي، ويتألف من سؤالين، الأول: هل هناك إمكانية حقيقية للتدخل الأجنبي؟ والثاني: إلى أي الأطراف يمكن أن تميل القوى الأجنبية، النظام أو الثوار؟ ويورد الكاتب الحالة الليبية مثالاً على انشقاق عدد من الضباط عن الجيش الليبي والتحاقهم بالثوار، بعد تدخل الناتو (حلف شمال الأطلسي). كما تؤثر طبيعة العلاقات بين النظام الحاكم وبين الدول الأجنبية على موقف الجيش، وعلى الأرجح سيولي كبار الضباط أهمية كبيرة بموقف زملائهم في الدول الأجنبية، وخاصة، أولئك الذين يتولون ملفات المساعدات الخارجية، وسيضعون في اعتبارهم الموقف الذي تريده هذه الأطراف من الجيش أن يتبناه.

كما يتأثر موقف الجيش في بعض الحالات من اندلاع ثورات متعددة في المنطقة فيما يشبه عدوى ثورية تنتقل من دولة إلى أخرى، وقد اتخذت هذه الظاهرة والتي تعرف باسم الانتشار الثوري، أشكالاً مختلفة بين أوروبا الشرقية، ودول الاتحاد السوفييتي، وحتى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأهم العوامل الخارجية -بحسب المؤلف- هي خبرات الضباط مع الخارج، فمعرفة تاريخ التدريب، والدول المدربة لأي جيش قد يسهم في التنبؤ بموقفه من الثورة، وليس سراً أن أغلب الدول التي تقدم خدمات تدريب وتعليم عسكرية، لا توفر التدريب المهني فقط، وإنما تحاول زرع بعض القيم السياسية وكان هذا واضحاً خلال الحرب الباردة. وفي هذا الإطار يختم زولتان العوامل التي رأى أنها تؤثر على موقف الجيش من الثورات.

وينتقل زولتان بدءاً من الفصل الثاني إلى عرض نماذج تطبيقية على جملة من الثورات تمثل كل واحدة منها موقفاً مغايراً للجيش وفق المعطيات والعوامل التي تناولها بالشرح والتفصيل في الفصل الأول، كانت في مقدمتها:

 

الثورة الإيرانية 1979

تناول الجوانب الإيجابية والسلبية التي أحاطت بالثورة الإيرانية، فاستعرض المعالم الرئيسة للوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في إيران أواخر التسعينيات من القرن العشرين، وعرض أوضاع الجيش الإيراني وعلاقته بالشاه والمجتمع، ثم ركز على الأحداث الرئيسة التي جرت في الفترة مابين كانون الثاني/ يناير 1978، وشباط/فبراير 1979، والتي قادت إلى انهيار النظام، محاولاً فهم دور القوات المسلحة في هذه الفترة، ويوضح الأسباب وراء الإجراءات التي اتخذها الجيش والتي أدت إلى نجاح الثورة الإيرانية.

 

بورما في 1988 و2007

النموذج الرئيس الذي تناوله زولتان في هذا الفصل هو ما يعرف بانتفاضة الأربع ثمانيات (8\8\1988)، أو انتفاضة الشعب، كما يتناول ثورة الزعفران، فالثورتان متشابهتان إلى حد كبير ويفصل بينهما عقد من الزمن، لهذا قدم للمؤلف فرصة جذابة للمقاربة.

 

الصين وأوروبا الشرقية 1989

يعرض في هذا الفصل عدوى الثورات التي انتقلت من عاصمة إلى أخرى بعد الحرب العالمية الثانية، للتخلص من قبضة الاتحاد السوفييتي الذي سيطر اقتصادياً وعسكرياً على دول شرق أوروبا الست: بلغاريا، تشيكوسلوفاكيا، ألمانيا الشرقية، المجر، بولندا، وإلى حد ما رومانيا. وبرغم أن هيمنة الاتحاد السوفياتي كانت شاملة في العقد الأول بعد الحرب، إلا أن التوجهات والمقاربات السياسية في كل دولة على حدة، جعلت من جيوش هذه الدول تلتقي مع الجماهير والمجتمع لتقود ثورتها وتنجح في استقلالها. كذلك هو الحال في الصين حيث بدأت الاضطرابات كتظاهرات عفوية شارك فيها الطلاب، وقف فيها الجيش إلى جانبهم، وحظي بدعم الغالبية العظمى من المواطنين العاديين.

وفي الفصل الخامس والأخير، يعرض المؤلف لموقف الجيش من ثورات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بدءاً من الثورتين التونسية والمصرية، مروراً بثورة اليمن وليبيا، ويختم بالوضع القائم حالياً في البحرين وسوريا.

 

 *كاتبة سورية

الكتاب: كيف تستجيب الجيوش للثورات؟ ولماذا؟

المؤلف: زولتان باراني

ترجمة: عبد الرحمن عياش

الناشر: الشبكة العربية للأبحاث والنشر- بيروت