لماذا ينسى مرضى ألزهايمر المقربين منهم.. تجربة قد تساعدهم؟

أحد أكثر العواقب المؤلمة التي يسفر عنها ألزهايمر أنّ المصابين به ينسون حتى أفراد عائلتهم المقرّبين وأصدقاءهم، ما السبب؟ وهل من علاج لهذه المشكلة التي ما زالت محلّ نقاش عالمي؟

  • تجربة قد تساعد مرضى ألزهايمر على تذكر أحبائهم
    أحد أكثر العواقب المؤلمة التي يسفر عنها ألزهايمر أنّ المصابين به ينسون حتى أفراد عائلتهم المقرّبين

أشاد علماء بنتائج "مثيرة جداً للاهتمام" تكشف السبب وراء نسيان مرضى ألزهايمر أحبّاءهم، مؤكّدين أنّ أدوية متوفّرة أصلاً ربما تحول يوماً ما دون فقدان القدرة على التعرّف إلى الوجوه المألوفة.

وتشير الدراسة الجديدة إلى أنّ التفكّك الذي يصيب "شبكات واقية محيطة بالخلايا العصبية في الدماغ"، ربما يكون السبب الذي يحمل مرضى ألزهايمر على نسيان أحبّائهم.

من المعلوم أنّ أحد أكثر العواقب المؤلمة التي يسفر عنها ألزهايمر أنّ المصابين به ينسون حتى أفراد عائلتهم المقرّبين وأصدقاءهم. ولكن ما هي تحديداً التغيّرات التي تطرأ على الدماغ وتفاقم حدّة هذا المرض العصبي، الذي لا يزال محلّ نقاش علمي.

يقول باحثون من "جامعة فرجينيا" في الولايات المتحدة، إنّ العجز عن التعرّف إلى أفراد العائلة والأصدقاء ومقدّمي الرعاية ينجم عن تفكّك تلك "الشبكات" الواقية التي تحيط بالخلايا العصبية أو العصبونات (النيورونات) في الدماغ، - (علماً أنها بنى دقيقة تُسمّى علمياً شبكات حول العصبونات" perineuronal net، تعمل على تثبيت الروابط العصبية وحمايتها).

ووجد الباحثون أنّ منع تفكّك هذه الشبكات لدى عدد من فئران التجارب حال دون فقدانها ذكريات مرتبطة بتفاعلات اجتماعية سابقة مع فئران آخرين.

وتناول هذه النتائج هارالد سونتهايمر، أحد الباحثين في الدراسة الجديدة المنشورة في مجلة  "ألزهايمر والخرف" Alzheimer’s and Dementia، فقال إنّ "العثور على تغيّر هيكلي (في الشبكات الواقية المحيطة بالعصبونات)، يوضح السبب وراء فقدان نوع معيّن من الذاكرة لدى مرضى ألزهايمر يمثّل إنجازاً مثيراً جداً للاهتمام".

وأضاف: "إننا إزاء هدف جديد تماماً، ولدينا فعلاً مرشّحون للأدوية المناسبة جاهزون للاختبار".

لحسن الحظ، هذه النتائج ربما تساعد، وفق الباحثين، في تطوير علاجات جديدة لمرضى ألزهايمر، حيث يعاني نحو 55 مليون شخص حول العالم من ألزهايمر، ومن المتوقّع أن يرتفع العدد بنسبة 35 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة فقط.

وقالت لاتا تشونسالي، باحثة في الدراسة أيضاً: "في حالة داء ألزهايمر، يواجه المرضى صعوبة في تذكّر أفراد عائلتهم وأصدقائهم بسبب فقدان ما يُعرف بالذاكرة الاجتماعية". 

وأضافت تشونسالي: "وجدنا أنّ الغلاف الشبيه بشكل الشبكة، والمعروف باسم (الشبكات حول العصبونات) - اختصاراً PNN)، يحمي هذه الذكريات الاجتماعية من النسيان".

اقرأ أيضاًَ: تلوث الهواء يفاقم التدهور الإداركي لدى المصابين بألزهايمر

وأظهرت الدراسة أنّ الفئران التي تعاني خللاً في هذه الشبكات العصبية فقدت قدرتها على تذكّر فئران أخرى، أو ما يسمّى "الذاكرة الاجتماعية"، حتى عندما كانت قادرة على تكوين ذكريات جديدة تتعلّق بأشياء موجودة في بيئتها. أما عند الحفاظ على هذه البنى الدماغية آمنة في المراحل المبكرة من الحياة، فقدّمت الفئران المصابة بألزهايمر أداءً أفضل في تذكّر تفاعلاتها الاجتماعية.

بغية حماية هذه البنى الشبكية، استخدم العلماء فئة من الأدوية تُسمّى "مثبطات أم أم بي" MMP inhibitors، والتي تخضع حالياً للدراسة والبحث، بسبب قدرتها المحتملة على علاج السرطان والتهاب المفاصل.

ونظراً إلى أنّ التغيّرات التي لوحظت في أدمغة الفئران تتوافق مع تلك الموجودة في أوساط مرضى ألزهايمر - من البشر، يفترض الباحثون أنّ استهداف هذه الشبكات الواقية لدى البشر يعطي فوائد مشابهة للفوائد التي ظهرت لدى القوارض.

ولكن "على رغم أنّ في متناولنا أدوية قادرة على تأخير عملية التفكّك التي تصيب الشبكات العصبية المحيطة بالعصبونات، وتأخير فقدان الذاكرة لدى المرضى"، فقد نبّه الدكتور سونتهايمر، إلى "وجوب النهوض بمزيد من الدراسات حول سلامة هذا النهج العلاجي وفاعليّته قبل النظر في تطبيقه على البشر".

اقرأ أيضاً: ثورة طبية.. اكتشاف مادة طبيعية في الجسم تكافح ألزهايمر