ماذا نعرف عن "الخلايا التائية" في أجسامنا؟

اكتشاف بقاء خلايا الذاكرة التائية (TRM) مستقرة وتجنبها التدهور المرتبط بالشيخوخة قد يساعد العلماء على تطوير لقاحات وعلاجات أفضل للعدوى، وخاصة لدى كبار السن.

  • ماذا نعرف عن
    توجد هذه الخلايا في جميع أنحاء الجسم (Credit: Juan Gaertner )

ماذا نعرف عن خلايا الذاكرة التائية، وكيف تشكّل حاجزاً مناعياً دفاعياً .

فهذه الخلايا التائية (T Cells) أو ما يُطلق عليه البعض "خلايا الذاكرة" (وهي خلايا تكافح العدوى وتكافح الخلايا السرطانية، وتسمى أحيانا لمفاويات تائية)  وتعتبر نوعاً خاصاً من خلايا الدم البيضاء التي "تتذكّر" العدوى واللقاحات السابقة، ما يساعد أجسامنا على الاستجابة بسرعة إذا تعرضنا لنفس الجراثيم مرة أخرى.

توجد هذه الخلايا، كما ورد في دراسة لموقع "مديكال اكسبرس" العلمي البريطاني في جميع أنحاء الجسم: بعضها يدور في الدم، بينما يستقر البعض الآخر في أنسجة مثل الرئتين والأمعاء والأعضاء اللمفاوية (مثل الطحال والعقد اللمفاوية).

لطالما عرف العلماء أهمية خلايا الذاكرة التائية للمناعة مدى الحياة، لكن الدراسات السابقة ركزّت بشكلٍ رئيسي على الخلايا التائية في الدم.

اقرأ أيضاً: دراسات تؤكد قدرة "الخلايا التائية" على مواجهة كورونا.. كيف؟

ولسد هذه الفجوة البحثية، أجرى بروس بوتشولز، العالم في مختبر لورانس ليفرمور الوطني (LLNL)، وباحثون متعاونون معه دراسة لتسليط الضوء على مدة حياة هذه الخلايا واستمرارها في أجزاء مختلفة من الجسم، وكيف تؤثر الشيخوخة على قدرتها على حمايتنا. نُشر بحثهم في مجلة Immunity.

كانت الأسئلة الرئيسية التي سعى فريق البحث للإجابة عليها هي:

هل تدوم هذه الخلايا لسنوات، أم أنها تتجدد باستمرار؟

هل تفقد قدرتها الوقائية مع تقدمنا ​​في السن؟

وهل يُحدث مكان تواجدها في الجسم فرقاً؟

طرق قياس عمر الخلايا

للإجابة على هذه الأسئلة، حلل الفريق عيّنات دم وأنسجة من 138 متبرعاً بالأعضاء، تتراوح أعمارهم بين عامين و93 عاماً. وباستخدام إمكانيات قياس النظائر في مركز مطياف الكتلة المُسرّع (CAMS)  التابع لمختبر لورانس لورنس الوطني، تمكن بوخهولز من تحليل العينات باستخدام تقنية متطورة تُسمى "تأريخ الميلاد بالكربون المشع بأثر رجعي"، والتي تقيس كميات ضئيلة من نظير الكربون (الكربون-14) في الحمض النووي للخلايا.

يعمل مطياف الكتلة المُسرّع عن طريق تسريع الأيونات إلى طاقات حركية عالية للغاية، ما يسمح للباحثين بحساب ذرات الكربون-14 الفردية في العينة.

يُعد هذا المستوى من الدقة بالغ الأهمية لتقدير عمر الخلايا بدقة، نظرًا لتغير كمية الكربون-14 في الغلاف الجوي على مدى العقود القليلة الماضية بسبب التجارب النووية وعوامل أخرى.

وبمقارنة محتوى الكربون-14 في الحمض النووي للخلايا التائية بمستوياتها الجوية التاريخية، تمكن الباحثون من تحديد مدة بقاء هذه الخلايا المناعية حية في أنسجة مختلفة.

نتائج حول خلايا الذاكرة التائية

تكشف القياسات أن الخلايا المناعية ليست جميعها متساوية، حيث تعيش خلايا الذاكرة التائية لمدة تتراوح بين عام وسنتين في معظم الأنسجة، بينما يمكن أن تستمر خلايا الطحال لمدة تتراوح بين 3 و10 سنوات.

كما وُجد أن خلايا الذاكرة التائية المقيمة في الأنسجة (خلايا TRM هي خلايا الذاكرة التائية المقيمة في الأنسجة) تحتفظ بخصائصها الوقائية الخاصة طوال الحياة، على عكس خلايا الذاكرة التائية المنتشرة في الدم، والتي تُظهر علامات الشيخوخة وضعفاً في وظائفها.

يُظهر هذا أنه بينما تُطوّر خلايا الذاكرة التائية المنتشرة علامات الشيخوخة، فإن خلايا TRM محمية من الشيخوخة المناعية، وهي عملية تصبح فيها الخلايا المناعية أقل فعالية مع التقدم في السن.

وأخيراً، يخضع كلا النوعين من خلايا الذاكرة التائية لتغيرات في حمضهما النووي (تغيرات فوق جينية) مع تقدمنا ​​في العمر، إلا أن خلايا TRM تُظهر تنظيماً جينياً أكبر، ما يساعدها على التكيف والحفاظ على أدوارها الوقائية.

إن اكتشاف بقاء خلايا الذاكرة التائية (TRM) مستقرة وتجنبها التدهور المرتبط بالشيخوخة قد يساعد العلماء على تطوير لقاحات وعلاجات أفضل للعدوى، وخاصة لدى كبار السن.

اقرأ أيضاً: بروتين ينظّم المناعة وعمل الخلايا

كما يفتح آفاقاً جديدة لفهم كيفية تكيف جهازنا المناعي مع الشيخوخة، وكيف يمكننا تعزيز مرونته.