"Antiwar": التحدّث إلى أميركا.. إلى أيّ مدى ستذهب إيران؟

لا شكّ في أنّ فتح الولايات المتحدة وإيران باب المحادثات نهاية هذا الأسبوع هو تطور إيجابي كبير، فهل مستقبلها النجاح أم الفشل؟

0:00
  • وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي سيقود المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة
    وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي سيقود المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة

نشر موقع "Antiwar" الأميركي تقريراً يناقش المستقبل المتوقّع للمفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، مع التركيز على التوترات والتحديات المتعلقة بشكل ومضمون هذه المفاوضات.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرف:

في الشهر الماضي وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسالة مباشرة إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، قال فيها إنّ "أمام إيران شهرين للتفاوض على اتّفاق نووي مع الولايات المتحدة، وإنّه في حال الفشل، سترتفع أخطار العمل العسكري ضدّ المنشآت النووية المدنية الإيرانية بشكل كبير". وأتبع ترامب رسالته بتصريح أمام الصحافيين جاء فيه: "إذا لم يتوصّلوا إلى اتّفاق، فسيكون هناك قصف لا مثيل له، وبأنّه لا يمكن لإيران أن تمتلك سلاحاً نووياً، هذا كلّ ما في الأمر".

كلّ ذلك، مع أنّ إيران أعلنت في وقت سابق لتصريحات ترامب، عن استعدادها للتفاوض على اتّفاق نووي جديد مع الولايات المتحدة، حين انتُخب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان بناء على هذا الأمر الذي دعمه آنذاك آية الله السيد خامنئي. لكن، هذا الأمل تبدل في 4 شباط/ فبراير الفائت عندما وقع ترامب مذكّرة رئاسية تفرض عقوبات الضغط الأقصى على إيران، ما دفع بالرئيس بزشكيان إلى التراجع عن سياسته التفاوضية، معلناً أنّ إيران "لن ترضخ للضغوط الخارجية". كذلك، ردّ الرئيس بزشكيان على التهديدات الأميركية، وقال إنّ "لغة التهديد والإكراه غير مقبولة إطلاقاً، ولا أن يأتي أحدهم ويقول، لا تفعل هذا، لا تفعل ذاك، وإلّا لن آتي للتفاوض معك، إذاً، افعل ما تشاء".

وكانت إيران قد استبعدت إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة حتّى "يتغيّر نهجها. وفي تعليقه على ردّ إيران على رسالة ترامب، قال الرئيس الإيراني، "مع أنّنا رفضنا المفاوضات المباشرة، إلّا أنّ الطريق إلى محادثات غير مباشرة مفتوح".

لكن بعد ذلك فاجأ الرئيس ترامب الجميع بإعلانه أنّ الولايات المتحدة وإيران ستلتقيان لإجراء "محادثات مباشرة"، ستُعقد على "أعلى مستوى تقريباً". كما أفادت التقارير الحديثة، بأنّ مبعوث ترامب ستيف ويتكوف سيقود الوفد الأميركي، بينما يقود وزير الخارجية عباس عراقتشي الوفد الإيراني.

ورغم تأكيد إيران إجراء المحادثات، نفت أنّها ستكون مباشرة. وقال مسؤولون إيرانيون بأنّ نظراء لهم من الولايات المتحدة سيجتمعون في عُمان في الـ 12 من الشهر الجاري لإجراء "محادثات غير مباشرة". وسيجتمع المفاوضون الأميركيون والإيرانيون في غرف منفصلة، ​​وسيتبادل الدبلوماسيون العُمانيون الرسائل بين الطرفين.

ووفقاً لطهران، فإنّ أيّ محادثات مباشرة لاحقة ستكون مشروطة بنجاح المحادثات غير المباشرة. إلّا أنّ عراقتشي يؤكّد أنّ "المحادثات غير المباشرة هي الخيار المفضّل لدينا حالياً، وليس لدينا أيّ نية لتغييرها إلى محادثات مباشرة".

اقرأ أيضاً: "Responsible Statecraft": ترامب يُلقي قنبلةً.. محادثات أميركية إيرانية يوم السبت

ويعود إحجام إيران عن التفاوض المباشر إلى سببين، الأوّل، هو رفض الرئيس بزشكيان "الرضوخ للضغوط الخارجية"، والتفاوض تحت التهديد. والثاني، هو اهتمام آية الله خامنئي بما حدث في الماضي حين أشار إلى انسحاب الولايات المتحدة غير القانوني من الاتّفاق النووي السابق، وقال: " ينبغي عدم التفاوض مع حكومة مثل الحكومة الأميركية. فالتفاوض معها ليس بالأمر الحكيم، ولا بالذكاء، ولا بالشرف". وفي وقت لاحق، أضاف السيد خامنئي في منشور: "هذا الرئيس الأميركي نفسه مزّق الاتّفاق النووي السابق الموقّع، فكيف لنا أن نتفاوض مع الولايات المتحدة ونحن نعلم أنّها لا تفي بالتزاماتها".

إنّ المفاوضات حول هيكليتها أقلّ صعوبة من ما هو مضمونها وما سيكون مطروحاً للتفاوض، لأنّ إيران على استعداد للتفاوض على قيود على برنامجها النووي يمكن التحقّق منها، مقابل تخفيف العقوبات وفتح الباب أمام عودة العلاقات مع الغرب. إضافة، إلى أنّ طهران أكّدت أنّها لا تملك برنامجاً للأسلحة النووية، وهو تأكيد تتّفق معه أحدث المعلومات الاستخبارية الأميركية.

كذلك، كشف التقييم الأميركي السنوي للتهديدات لعام 2025 الذي نُشر مؤخّراً عن مجمع الاستخبارات، بأنّ إيران "لا تبني سلاحاً نووياً"، وأنّ السيد خامنئي لم يعد تفويض برنامج الأسلحة النووية الذي عُلّق في العام 2003.

وبصفتها دولة موقّعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، تتمتّع إيران بحقّ غير قابل للنقض في برنامج مدني سلمي يستخدم الطاقة النووية، ولن تتنازل طهران عن هذا الحقّ. لكن هناك مشكلة، إذ أوضح مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز مؤخّراً، أنّ موقف الولايات المتحدة هو أنّ على إيران تفكيك برنامجها النووي المدني، وقال إنّ الولايات المتحدة تطالب بـ "نزع البرنامج النووي بالكامل، وإلّا ستكون هناك عواقب".

وستظهر العقبة الثانية إذا أصرّت الولايات المتحدة، كما أشار والتز، على ضرورة تخلّي إيران أيضاً عن "برنامجها الصاروخي الاستراتيجي"، الذي يعتبر جزءاً لا يتجزّأ من استراتيجيتها الدفاعية، ومن غير المرجّح أن تقبل إيران أن تتضمّن المفاوضات قوتها الصاروخية.

لا شكّ في أنّ فتح الولايات المتحدة وإيران باب المحادثات نهاية هذا الأسبوع تطور إيجابي كبير، رغم أنّ تركيز وسائل الإعلام ينصب على إذا ما كانت هذه المحادثات ستكون مباشرة أم غير مباشرة، لأنّ ما سيحدّد فرص نجاحها ليس شكلها، بل نطاقها. فإذا ظلّت المحادثات تركّز بإحكام على القيود القابلة للتحقّق على البرنامج النووي السلمي والمدني الإيراني، فستمضي نحو النجاح، أمّا إذا وُسّع نطاقها لتشمل تفكيك البرنامج النووي المدني القانوني لإيران، فمن المرجّح موت المحادثات قبل أن تبدأ.

نقله إلى العربية: حسين قطايا.