"Antiwar": سبعة أسباب تجعل قصف إيران أمراً سخيفاً
الهجوم على إيران لمنعها من امتلاك قنبلة نووية يعدّ أمراً سخيفاً، وثمّة أسباب تقف بوجه الخيار العسكري الأميركي ضد إيران. ما هي؟
-
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني يلتقي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي في وزارة الخارجية الإيطالية بروما قبل المحادثات النووية، في 19 نيسان/أبريل 2025.
موقع "Antiwar" الأميركي ينشر تقريراً يقدّم سبعة أسباب رئيسية تُضعف مبرّرات أيّ ضربة عسكرية أميركية ضدّ إيران، مركّزاً على إجماع الاستخبارات الأميركية والدولية على أنّ إيران لا تسعى حالياً لامتلاك سلاح نووي، ويوضح أنّ المسار الدبلوماسي أثبت فعّاليته في الماضي ولا يزال الخيار الأكثر واقعية ومنطقية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
بينما يؤيّد مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز الحلّ العسكري، ينحاز نائب الرئيس جيه دي فانس ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد إلى الدبلوماسية مع إيران، التي اختارها الرئيس دونالد ترامب مع تهديده بأنّ الخيارات جميعها مطروحة. وفي حال فشل المسار الدبلوماسي، قال ترامب، إنّ "الخيار العسكري سيحلّ المشكلة".
مع ذلك، ثمّة أسباب لا تجعل من الخيارات جميعها متاحة أمام ترامب، لأنّ الهجوم على إيران لمنعها من امتلاك قنبلة نووية يعدّ أمراً سخيفاً، وفيما يلي 7 موانع بوجه هذه العملية:
الأمر المهمّ أوّلاً والذي يجب قوله حقّاً، هو أنّ إيران لا تسعى للحصول على قنبلة نووية. وفي عام 2003، أصدر المرشد الأعلى لإيران آية الله السيّد علي خامنئي فتوى دينية أعلن فيها أنّ الأسلحة النووية محرّمة في الإسلام. كما، خلص تقييم التهديدات السنوي للعام الجاري، والذي يعكس الرؤى الجماعية لمجتمع الاستخبارات الأميركي، بجلاء أنّ الاستخبارات الأميركية "تؤكّد أنّ إيران لا تصنع سلاحاً نووياً، وأنّ آية الله خامنئي لم يعد تفويض برنامج الأسلحة النووية الذي علّقه حين أصدر فتوى التحريم قبل أكثر من عقدين".
كما تتوافق هذه التقييمات الاستخباراتية مع مراجعة الوضع النووي لوزارة الدفاع الأميركية لعام 2022، التي خلصت أيضاً إلى أنّ "إيران لا تمتلك اليوم سلاحاً نووياً، ونعتقد أنّها لا تسعى إلى امتلاكه حالياً".
إذاً، الولايات المتحدة على يقين أنّ إيران لا تسعى للحصول على قنبلة نووية، وهذا ما يجعل من قصفها السبب الأكثر حماقة لمنعها امتلاك قنبلة لا تريدها. وبما أنّ إيران لا تسعى إلى برنامج أسلحة نووية، فإنّ السبب الثاني الذي يجعل قصفها عدواناً، هو امتلاكها كلّ الحقّ القانوني في برنامجها النووي المدني.
وبصفتها دولة موقّعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، تتمتّع إيران بحقّ غير قابل للنقد في برنامج نووي سلمي. كما أنّ الولايات المتحدة لا تعتقد أيضاً أنّ إيران تمتلك برنامجاً نووياً غير قانوني، وسيكون من العبث قصفها لمجرّد امتلاكها برنامجاً نووياً لأغراض سلمية.
ثالثاً، لقد أثبتت إيران بالفعل أنّ الحلّ العسكري ليس ضرورياً لإدارة ترامب لتحقيق هدفها المتمثّل في ضمان عدم قيام إيران بتخصيب اليورانيوم إلى مستويات صالحة لصناعة الأسلحة. ويمكن تهدئة مخاوف أميركا، سواء كانت مبرّرة أم لا، من خلال وضع وسائل للتحقّق من مستويات التخصيب الإيرانية.
كذلك، أظهرت طهران استعدادها للامتثال لهذا الحلّ غير العسكري عندما وافقت على تلك القيود التي يمكن التحقّق منها في الاتّفاق النووي لبرنامج خطّة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015. وقد أكّد 11 تقريراً متتالياً للوكالة الدولية للطاقة الذرّية أنّ إيران امتثلت تماماً وبشكل ثابت بالالتزامات التي تعهّدت بها بموجب الاتّفاق.
لدى الولايات المتحدة أدلّة تاريخية على أنّ الحلّ العسكري غير مجدٍ. كما أنّه غير ضروري، وعبثي بالمخاطرة ليس بحرب مع إيران فقط، بل بحرب إقليمية أوسع نطاقاً.
مع ذلك، بدأت الولايات المتحدة بنقل معدّات عسكرية إلى المنطقة، من ضمنها حاملات طائرات وقاذفات وأنظمة دفاع جوّي. وبرّر الأمر على أنّه استعداد لاحتمالية تصعيد الحرب مع الحوثيين. إلّا أنّ مسؤولين أميركيين سرّبوا بأنّ "هذه الأسلحة هي أيضاً جزء من التخطيط لـصراع محتمل مع إيران". وحتّى مجرّد "زيادة الأسلحة الأميركية"، وفقاً لتقييم استخباراتي جديد قدّمته "تولسي غابارد"، "قد يتسبّب بإشعال صراع واسع مع إيران لا ترغب فيه الولايات المتحدة".
إيران من جهتها، أعلنت أنّ أيّ عمل عسكري أميركي ضدّ برنامجها النووي المدني، سيؤدّي إلى ردّ عسكري منها على القواعد الأميركية في المنطقة كلّها. وقال رئيس البرلمان الإيراني، محمّد باقر قاليباف، "إذا هدّدُوا الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فسيكون حلفاء أميركا في المنطقة والقواعد العسكرية، مثل براميل البارود، غير آمنين".
على الرغم من مخاطر الحرب مع إيران، وربّما حتّى حرب إقليمية أوسع تبدو فائدتها المتوقّعة لا تستحقّ العناء. في تصريح لافت لم يحظ باهتمام كبير، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنّ هدف الخطط العسكرية لقصف المواقع النووية المدنية الإيرانية، التي تناقشها الولايات المتحدة و"إسرائيل"، "هو تأخير قدرة طهران على تطوير سلاح نووي لمدّة عام أو أكثر".
إن المخاطرة بحرب مع إيران، بل وحتّى بحرب أوسع في الشرق الأوسط، لتأخير البرنامج النووي الإيراني، الذي تعلم الولايات المتحدة أنّ إيران لن تملكه خلال عام واحد فقط، أمر أحمق. وكل هذه الحسابات للتكاليف والفوائد ومخاطر الحرب سخيفة، لأنّ الجميع يعلم أنّ المسار الدبلوماسي يمكن أن ينجح. وهو قد نجح سابقاً قبل 10 سنوات من خلال اتّفاق خطّة العمل الشاملة المشتركة. وهذا سبب للأمل في أنّه بعد عقد من الزمن يمكن أن ينجح مرّة أخرى.
في الجولة الأولى من المحادثات في عُمان في الـ 12 من الشهر الجاري، أصرّت إيران على أنّ المحادثات المباشرة المستقبلية ستكون مشروطة بنجاح المحادثات غير المباشرة الحالية، لكن في نهاية تلك الجولة التقى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي وكبير المفاوضين الأميركيين ستيف ويتكوف بشكل مباشر، ليس للحظة كما ورد في البداية، ولكن لمدّة 45 دقيقة. كما أنّ نجاح الجولة الأولى من المفاوضات في عُمان، أفضى إلى جولة ثانية في روما، أدّت أيضاً إلى جولة ثالثة، لأنّ الجولة الثانية كانت بنّاءة.
وأخيراً، فإنّ الحديث عن حلّ عسكري من جانب الدولة التي تدّعي قيادة النظام العالمي القائم على القانون الدولي هو أمر سخيف، لأنّ توجيه ضربة استباقية لإيران من دون موافقة مجلس الأمن سيكون انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي.
نقله إلى العربية: حسين قطايا.