"Responsible Statecraft": لماذا لا تزال القوات الأميركية في حالة حرب في سوريا؟
تستمر الضربات الجوية الأميركية القاتلة ضد جماعات مسلحة في سوريا من بينها تنظيم داعش، واستراتيجية واشنطن غامضة بشأت بقاء قواتها هناك.
-
قوات أميركية في سوريا
مجلة "Responsible Statecraft" الأميركية تنشر مقالاً يناقش بقاء القوات الأميركية في سوريا بعد سقوط النظام السوري، واستمرار ضرباتها القاتلة ضد القوات المسلّحة.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
في يوم الأحد، أعلنت القيادة المركزية الأميركية أنها قتلت مؤخراً شخصين مرتبطين بتنظيم "القاعدة" في إدلب، سوريا. وكان أحد الرجلين، وسيم تحسين بيرقدار، شقيق وزير حالي في الحكومة السورية. وحددت القيادة المركزية الأميركية الرجل الآخر بأنه "زعيم عسكري كبير في تنظيم القاعدة التابع لحراس الدين".
هذه ليست سوى أحدث ضربة في سلسلة من الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة على مجموعة من الأهداف السورية منذ سقوط النظام السوري في كانون الأول/ديسمبر. وهي الرابعة التي تستهدف على وجه التحديد عضواً في "حراس الدين" منذ أعلنت المنظمة أنها ستوقف عملياتها في كانون الثاني/يناير.
وشملت الأهداف القاتلة منذ سقوط النظام السوري، 75 ضربة ضد تنظيم "داعش"، وقتل زعيم كبير فيه، وعشرات المقاتلين في التنظيم، وشن هجوم على ما تقوله القوات العسكرية الأميركية إنها "ميليشيات" مدعومة من إيران عبر الحدود في العراق. لقد استخدم الجيش مزيجاً من طائرات مقاتلة من طراز "إف-15"، وقاذفات "بي-52"، وطائرات دعم جوي من طراز "أ-10" لتنفيذ هذه المهمات.
إنّ القول بأن وتيرة الهجمات والغارات العسكرية الأميركية لم تهدأ على الرغم من التغييرات القيادية في دمشق سيكون أقل من الحقيقة. ربما جاءت القوات الأجنبية في الأصل إلى المنطقة بسبب الحرب في سوريا بعد عام 2014، لكن من بين التبريرات الأخرى التي أبقت الصواريخ تحلق والأحذية على الأرض هو قتال تنظيم "داعش".
قال آدم وينشتاين، زميل الشرق الأوسط في معهد كوينسي، إنّه "حتى بعد سقوط الأسد، فإنّ الطريقة الأساسية التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع سوريا ليست من خلال أي وجود دبلوماسي ولكن من خلال الضربات الجوية"، مشيراً إلى أنّ هناك أسباباً تجعل القيادة الجديدة في سوريا لا توقف هذه العمليات العسكرية حتى الآن، مضيفاً أنّه "الحكومة الجديدة في دمشق، التي ترى هذه الجماعات كمنافسين محتملين، ربما تكون راضية عن القضاء عليها".
ولكن، في ظل انحلال العديد من الجماعات الإسلامية مثل "حراس الدين" طواعية في ظل الحكومة المتمردة الجديدة، فمن غير الواضح أين تندرج الآن في مبررات واشنطن لمواصلة العمليات بخلاف ارتباطاتها القديمة بتنظيم "القاعدة/داعش". كما أنّ الفصيل الحاكم الجديد، "هيئة تحرير الشام"، هو أيضاً تابع سابق لتنظيم "القاعدة"، لكن زعيمه، أحمد حسين الشرع، أزيل من قائمة الإرهاب من قبل إدارة بايدن في كانون الأول/ديسمبر في لفتة حسن نية واضحة. وربما، كما وصف وينشتاين، تقدّم الولايات المتحدة الآن خدمة للشرع.
ومع ذلك، بعد إطاحة الأسد، أعلنت إدارة بايدن أنّه على الرغم من تغيير النظام، ستظل واشنطن تجعل وجودها العسكري محسوساً لضمان عدم ملء فراغ السلطة من قبل تنظيم "داعش". ولم يذكر بايدن أنّ بقايا "القاعدة" كانت أيضاً على قائمة الأهداف.
لم يحدد ترامب موقفاً واضحاً بشأن الحكومة السورية الجديدة، لكنه أشار في شباط/فبراير إلى تفضيله لوجود عسكري أميركي مخفض في البلاد. وقال في كانون الثاني/يناير الفائت: "نحن لسنا متورطين في سوريا. سوريا في حالة من الفوضى. لديهم ما يكفي من الفوضى هناك. إنهم لا يحتاجون إلى مشاركتنا".
لقد تحدث ترامب علناً عن استهداف تنظيم "داعش" في الصومال لكنه لم يقل الكثير عن هجمات إدارته على التنظيم أو غيرها من الجماعات المسلحة في سوريا أو العراق، والتي لا تزال تستضيف قوات أميركية.
وقال وينشتاين إنّه "من غير المرجح أن تؤثر القوات الأميركية في شمال شرق سوريا على الاستقرار أو الديناميكيات الداخلية بما يكفي لتبرير استمرار وجودها".
والجدير ذكره، أنّه حتى لو سحب ترامب القوات من سوريا، فإنّ الضربات الجوية الأميركية لن تتوقف بالضرورة لأنها تُطلق من قواعد أميركية في المنطقة.
ونظراً لأن إدارة ترامب لم تضع بعد استراتيجية عسكرية محددة في سوريا، فما زال من غير الواضح كيف ستكون وتيرة الضربات الجوية الأميركية، وأهدافها في سوريا في المستقبل.
بعد أكثر من عقد من التدخل في سوريا وتغيير غير مسبوق للنظام، لا تزال الولايات المتحدة في حالة حرب هناك. لم تعد الحكومة الجديدة خصماً معلناً، وقد اعترف ترامب بالحاجة إلى الخروج، لكن السؤال يبقى: ما هو المبرر ليس فقط لوجود القوات، بل وأيضاً استمرار قصف الأهداف في هذه الدولة ذات السيادة؟ كم من الوقت حتى يُقتل أحد قواتنا أو تقرر الحكومة الجديدة أننا قتلنا ما يكفي من رفاقه القدامى؟
إنّ "الوضع برمته في سوريا معقد، ومستقبله غير مؤكد"، كما قال جون ألين جاي، المدير التنفيذي لجمعية "جون كوينسي آدامز". وأضاف أنّ "المهمة غير واضحة وكانت غير واضحة منذ تدمير داعش". وتابع "لا أريد أن تجلس القوات الأميركية في وسط وضع معقد وغير مؤكد، خاصة إذا لم نكن متأكدين حتى من سبب وجودهم هناك".
نقلته إلى العربية: بتول دياب.