"Truthout": عسكرة الجامعات الأميركية لقمع احتجاجات الطلّاب المؤيدين لفلسطين

تساهم تقنيات المراقبة التي تصنعها "إسرائيل" في تسريع عسكرة أقسام الشرطة الجامعية في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

  • طلاب في الجامعات الأميركية يحتجّون على دعم الولايات المتحدة لـ
    طلاب في الجامعات الأميركية يحتجّون على دعم الولايات المتحدة لـ "إسرائيل"

منظّمة "Truthout" الإخبارية الأميركية تنشر تقريراً يتحدّث عن استخدام شرطة الجامعات الأميركية تكنولوجيا التجسّس الإسرائيلية لقمع احتجاجات الطلّاب. 

هذه القضية، بحسب التقرير، دفعت  العديد من الطلاب والناشطين إلى المطالبة بنزع سلاح الشرطة الجامعية وإزالة كاميرات المراقبة. وتهدّد هذه السياسات التي تزايدت مع ولاية ترامب الثانية، بحرمان الطلاب من حقوقهم في التعبير عن آرائهم السياسية، مع تصاعد مخاوف من تأثير تكنولوجيا المراقبة في قمع الحريات.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

منذ أن تبوّأ منصبه الرئاسي، قال دونالد ترامب إنّه سيعمل على "محاربة معاداة السامية" في حرم الجامعات الأميركية، من خلال ملاحقة الطلاب وإلغاء تأشيرات بعضهم الذين يعتبرون "متعاطفين مع حماس". ويهدّد ترامب الطلّاب: "هذا العام، سوف نجدكم ونطردكم".

تنصّ وثيقة الأمر التنفيذي الذي أصدره أيضاً، على أنّ وزارة التعليم سوف تسعى إلى تعريف مؤسّسات التعليم العالي بهذه الأهداف، حتّى تتمكّن الجامعات من "مراقبة أنشطة الطلاب الأجانب والإبلاغ عنها، وضمان أن تؤدّي مثل هذه التقارير عن الوافدين إلى إجراء تحقيقات، وإذا لزم الأمر إبعاد هؤلاء الأجانب". وبما أنّ المشاركة في الحركات المؤيدة لفلسطين غالباً ما تقارن بـ "معاداة السامية"، فقد سارع المدافعون والصحافيون مثل إيتان نيشين مراسل صحيفة "هآرتس"، إلى اعتبار الخطوة بمثابة "دليل استبداديّ مدرسي يهدف إلى قمع وخنق أيّ انتقاد لما يحدث في "إسرائيل".

ويمزج القرار بين سياسات ترامب الفاشية ضدّ المهاجرين وهوسه بالترحيل الجماعي الذي تقوده إدارة الهجرة والجمارك، والتزامه مع "إسرائيل". ويتوافق الأمر على نحو سلس مع شبكات المراقبة الحالية التي أنشأتها العديد من الجامعات بالفعل بعد حملة القمع ضدّ الطلّاب والمشاركين في التظاهرات والاعتصامات في العام الماضي. حيث كشفت الحركة الطالبيّة من أجل فلسطين عن تكنولوجيا المراقبة التي وضعتها وكالات إنفاذ القانون في الحرم الجامعي في جميع أنحاء الولايات المتّحدة، ممّا أدّى إلى غضب عامّ، وفي بعض الأماكن، كرّر الطلاب وأعضاء هيئة التدريس مطالبتهم القديمة بعدم وجود رجال الشرطة في أيّ حرم جامعي. كذلك، يدعو الناشطون المؤيّدون لفلسطين إدارات الجامعات إلى سحب استثماراتهم من الشركات والكيانات الإسرائيلية، ومن ضمنها استثمارات شرطة الجامعات في تكنولوجيّات التجسّس الإسرائيلية التي تدعم الاحتلال في الداخل والخارج.

تاريخ عنيف للشرطة الجامعية

اليوم، تحتفظ أغلب الجامعات والعديد من الكلّيات، بمركز شرطة خاصّ، يضاف إلى الاعتماد على شرطة المدينة أو المقاطعة المحلّية. ووفقاً لتقرير صادر عن مكتب إحصاءات وزارة العدل في عام 2015، فإنّ نحو 95% من الجامعات العامّة التي تضمّ أكثر من 2500 طالب لديها أقسام شرطة خاصّة بها. بينما في الجامعات الخاصّة الرقم أقلّ بكثير ولا يتجاوز نسبة 38%، بسبب التمويل المكلف. ومع أنّ شرطة الجامعات تطلق على نفسها تسمية ضبّاط "السلامة العامّة"، لكنّ دورهم الحقيقي يراوح في حماية الممتلكات وغيرها من الموارد التعليمية القيّمة، بما في ذلك محافظ الاستثمار الجامعية.

أستاذ علم الاجتماع ومؤلّف كتاب "نهاية عمل الشرطة" أليكس فيتالي يقول إنّه "في الوقت الملائم، فإنّ شرطة الحرم الجامعي سوف تُظهر أنّها ليست أفضل من نظيراتها في الخارج ويجب حلّها، لأنّها تشكّل تهديداً عميقاً للعدالة الاجتماعية". كما أنّ وجود الشرطة في المعلم التربوي هو في المقام الأوّل لحماية "الجامعة النيوليبرالية".

في العام 2012، أطلقت شرطة الحرم الجامعي النار على طالب في جامعة ولاية كاليفورنيا في سان برناردينو وقتلته. وعلى الرغم من إعادة التسمية الملطّفة بشرطة "السلامة العامّة"، فإنّ سجلّها حافل في إيذاء الطلّاب الذين من المفترض بحسب القسم والتعهّد أن تحميهم. وفي عام 2017، أطلقت شرطة الحرم الجامعي النار على طالب في معهد جورجيا للتكنولوجيا وقتلته. وبعدها بعامين قتلت طالباً يبلغ من العمر 19 عاماً في بهو سكن كلّية ليبرتي. فالعنف متأصّل في سلوك رجال الشرطة الحديثة، وغالباً ما يمتدّ ليؤثّر في الأشخاص غير المنتسبين إلى الجامعات أيضاً. على سبيل المثال، في عام 2018، أطلقت شرطة جامعة بورتلاند ستيت النار على جيسون واشنطن، وهو رجل يبلغ من العمر 45 عاماً، وكان يحاول فضّ شجار حين قتل. وفي عام 2015، أطلق ضابط شرطة جامعة سينسيناتي النار على سام دوبوز البالغ من العمر 43 عاماً في أثناء توقّف حركة المرور.

كان الطلّاب ونشطاء المجتمع المدني، يجهدون للحدّ من سلطة قوّات شرطة الحرم الجامعي. وعقب جريمة القتل التي وقعت في بورتلاند ستيت، جدّد الطلّاب حملتهم لنزع سلاح الشرطة داخل الحرم الجامعي، وكانت قد بدأت الحركة الطالبية للمرة الأولى حين منح مجلس الجامعة الإذن للشرطة بحمل السلاح داخل الحرم الجامعي قبل 4 سنوات.

في العام 2018، بعد أن أطلق ضباط شرطة جامعة شيكاغو النار على الطالب تشارلز توماس البالغ من العمر 21 عاماً، بدأ الطلّاب والناشطون حملة "لا تهتمّ بالشرطة"، ضدّ أحد أكبر مراكز الشرطة الخاصّة في الجامعات والتي تضمّ نحو 100 ضابط بميزانية سنوية، حسبما ذكرت صحيفة الطلاب "شيكاغو ماروون"، تبلغ 5.5 ملايين. 

كذلك، انضمّت منظّمات المجتمع المدني إلى الحراك مثل "حياة السود مهمّة" و"مشروع الشباب السود"، إلى احتجاجات عام 2018، والتي أوضحت أنّ جامعة شيكاغو، مثل كلّ المؤسّسات المحلّية الأخرى للتعليم العالي، "ليست متواطئة فحسب، بل إنّها أيضاً من أصحاب المصلحة النشطين في السجن الجماعي، والإفراط في فرض القانون، والتشريد، والإضرار العامّ بالمجتمعات السوداء والسمراء". كما طالب المنظّمون، من ضمن أمور أخرى بـ "نزع سلاح ضباط شرطة جامعة شيكاغو وخفض ميزانيتهم".

مبادلة قاتلة

لقد تسارعت وتيرة عسكرة الشرطة نتيجة لأكثر من عقدين من "رحلات التدريب" التي سافر خلالها آلاف من رجال الشرطة الأميركيين للتعلّم من الشرطة و"الجيش" الإسرائيلي، الذين يفرضون احتلالهم على الفلسطينيين بمساعدة تكنولوجيا المراقبة عالية التقنية. وشكّلت هذه الصلة أيضاً فرصة للشركات الإسرائيلية لبيع منتجات المراقبة الخاصّة بها، مثل شركة "نيس سيستمز" التي توفّرُ شبكات الكاميرات، وشركة "سوبر كوم" التي تتعامل في مجال المراقبة الإلكترونية، وشركة "سيليبرايت"، المتخصّصة في تكنولوجيا اختراق الهواتف والتي باعت منتجاتها لوكالات أمنية في 20 ولاية على الأقلّ. وقد شرح الكاتب أنتوني لوينشتاين هذا التأثير بالتفصيل في نصّه المؤثّر "مختبر فلسطين، كيف تصدّر إسرائيل تكنولوجيا الاحتلال حول العالم، كونها تراقب الفلسطينيين بشكل جماعي، بغضّ النظر عن أعمارهم أو نواياهم".

ويوضح تقرير صادر عن حملة "التبادل المميت"، وهي حملة أطلقتها منظّمة "الصوت اليهودي من أجل السلام"، كيف أنّ مثل هذه التبادلات "تكشف عن أجهزة إنفاذ القانون الأميركية، واستخدامها والاقتضاء بالنموذج الإسرائيلي ودولة المراقبة الشاملة".

كما تشارك بعض الجامعات في الولايات المتّحدة في هذه التدريبات، مثل برنامج التبادل الدولي لإنفاذ القانون في جورجيا متّخذاً من جامعة الولاية مقرّاً له، حيث تتمّ دعوة الشرطة الإسرائيلية لتدريب ضباط إنفاذ القانون الأميركيين من المدن الأميركية الكبرى. ودعا الناشطون إلى إنهاء هذا البرنامج، الذي ترعاه جزئياً مؤسّسة شرطة أتلانتا، وهي المنظّمة غير الربحية التي تقف وراء منشأة تدريب الشرطة الكبيرة الواقعة جنوب المدينة والمعروفة باسم "مدينة الشرطة".

في عام 2019، سافر رئيس شرطة جامعة ولاية وين ستيت إلى "إسرائيل" لمشاركة رؤى استراتيجيات إنفاذ القانون من بين أعضاء من وفد من ضبّاط شرطة آخرين زاروا الجامعة من كليفلاند وسينسيناتي وبيتسبرغ. وأشار إلى أهمّية اختصاص شرطة الجامعة، "ليس فقط في الحرم الجامعي، بل أيضاً في منطقة ميدتاون ديترويت الكبرى والمجتمعات المجاورة". 

وبينما تحاول الشرطة إضفاء الشرعية على قمعها المتزايد، تواصل المجتمعات المقاومة. ففي عام 2020، صوّت طلّاب جامعة تافتس في استفتاء على منع الشرطة الجامعية من حضور معسكرات تدريبية مستقبلية في "إسرائيل". وأشارت "منظّمة العفو الدولية" كذلك، إلى أنّ الأموال التي تنفق "لتدريب الشرطة الأميركية في إسرائيل يجب أن تهمّنا جميعاً"، موضحة أنّ العديد من انتهاكات الشرطة المحلّية، وثّقت إلى جانب "انتهاكات مثيلة لها من قبل المسؤولين العسكريين والشرطة الإسرائيلية".

التجسّس من البرج العاجي

خلال موجة الاحتجاجات المؤيّدة لفلسطين التي اجتاحت البلاد في الربيع الماضي، اغتنمت شرطة الحرم الجامعي الفرصة بزيادة سلوكيّات القوّة التقليدية بالاعتداءات العنيفة ضدّ الأساتذة والطلّاب على حدّ سواء، باستخدام تكنولوجيا المراقبة التي حصلت عليها حديثاً. وقد أدّى هذا المزيج الخطير إلى أكثر من 3200 اعتقال في جميع أنحاء البلاد. وقد دعمت الجامعات هذه الجهود من خلال تعليق حقوق التعديل الأول للدستور في التجمّع السلمي بسرعة، حتّى إنّ بعضها فرض قوانين قديمة تحظر ارتداء الأقنعة للمتظاهرين الطلّاب، والتي سُنّت في الأصل ردّاً على "جماعة "كو كلوكس كلان" العنصرية، لمساعدة الشرطة في استخدام برامج التعرّف إلى وجوه المشتبه بهم.

وفي أيلول/سبتمبر الماضي، كشفت صحيفة الطلّاب "كولومبيا سبكتاتور" كيف تجسّست إدارة جامعة كولومبيا وكلّية بارنارد على الناشطين الطلّاب قبل وبعد الاحتجاجات. وفي أعقاب ورشة عمل "المقاومة 101" التي عقدتها مجموعة سحب الاستثمارات من الحرم الجامعي في وقت سابق في فصل الربيع، بدأت الشرطة في جمع المعلومات عن المتظاهرين، وجمع لقطات من كاميرات المراقبة في الحرم الجامعي، وتتبّع بطاقات هوية الطلّاب إلكترونياً. كما أرسلت محقّقين خاصّين لاستجواب الطلّاب في منازلهم، وفقاً لتقارير "كولومبيا سبكتاتور"، وبدأت الإدارة في تعليق دراسة الطلّاب وطردهم من السكن الجامعي واستدعائهم إلى جلسات الاستماع التأديبية. كما أقامت إدارة شرطة مدينة نيويورك عمليات تفتيش كثيرة في أماكن مختلفة متصلة بالطلبة.

فِي مؤتمر صحافي منتصف العام الفائت وخلال ذروة الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في الجامعات الأميركية، شكر عمدة مدينة نيويورك إريك آدامز الأستاذة في جامعة كولومبيا ريبيكا وينر، التي انضمّت إليه على خشبة المسرح، على "مراقبتها الموقف"، حين اجتاحت الاحتجاجات للمرّة الأولى كلّ أنحاء المدينة. كذلك تعمل السيّدة وينر في وظيفة نائب مفوّض شرطة نيويورك لشؤون الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، وبمثابة حلقة وصل بين فرعي شرطة نيويورك في الولاية، وفي "تلّ أبيب"، الذي أنشئ في عام 2012 على أنقاض قرية كفّار سابا الفلسطينية المدمّرة. وتفاخرت وينر بأنّ مكتبها في نيويورك كان يتلقّى "تحديثات كلّ ساعة" من القسم المذكور في "تلّ أبيب" منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وهذا يُظهر بوضوح أنّ "الجيش" الإسرائيلي الذي يرهب الفلسطينيين يتساوى مع رجال الشرطة الذين يؤذون الطلاب الأميركيين.

في جامعة ييل، راقب قسم الشرطة الخاصّ المكوّن من 93 ضابطاً الاحتجاجات في الحرم الجامعي بمساعدة من مكتب التحقيقات الفيدرالي. كذلك كشفت الصحافية ثيا شاتِيل عن وثائق حول تسوية في دعوى قضائية من السجلّات العامّة، عن أنّ رئيسة مكتب التحقيقات الفيدرالي في نيو هافن جينيفر واغنر، تواصلت مع رئيس شرطة ييل أنتوني كامبل لتقديم المساعدة، حين "كان مكتب التحقيقات الفيدرالي يراقب الاحتجاجات الواسعة النطاق المتعلقة بالصراع بين إسرائيل وحماس في العديد من الكلّيّات والجامعات". وبعد اعتداء مزعوم في نيسان/أبريل الماضي، حصل مكتب التحقيقات الفيدرالي على مذكّرة تفتيش لمنزل طالب مؤيّد لفلسطين، وقام بما أشارت إليه إدارة السلامة العامّة في جامعة ييل بأنّهُ "تفريغ" للمعلومات من هاتفه المحمول، وهو غزو خطير لممتلكاته الشخصية. ووفقاً لشاتيل، قامت إدارة شرطة ييل بتركيب كاميرات في الحرم الجامعي، وتتبّعت حسابات الطلّاب على وسائل التواصل الاجتماعي وراقبتهم باستخدام طائرات من دون طيّار.

وقد سبقت هذه الانتهاكات للخصوصية دعوى قضائية رفعها الاتّحاد الأميركي للحرّيات المدنية ضدّ مكتب التحقيقات الفيدرالي والوكالات الاتّحادية الأخرى في تموز/يوليو الماضي، بسبب سجلّهم في استهداف النشطاء و"مراقبتهم غير المبرّرة تحت ستار الأمن القومي الزائف". كما أدّت مراقبة إدارة شرطة جامعة ييل للمحتجين المؤيّدين للفلسطينيين في الربيع الماضي إلى تصويت مجلس الكلّية في الشهر الماضي على إنشاء لجنة إشرافية جديدة لإدارة مركز الشرطة في حرم الجامعة.

تكنولوجيا التجسّس الإسرائيلية في الجامعات الأميركية

اتّخذت جامعة إلينوي وهي إحدى أكبر الجامعات العامّة في البلاد، نهجاً عدوانياً على نحو خاصّ في استهداف الناشطين. وهي تسعى حاليّاً إلى توجيه تهم جنائية ضدّ المعتصمين في مخيمات الاحتجاج باستخدام أدلّة من أجهزة قراءة لوحات الترخيص الإلكترونية، ومراقبة منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. وتعدّ جامعة إلينوي كمختبر لعسكرة شرطة الحرم الجامعي. كان لدى إدارة الكلّية ميزانية إجمالية في السنة المالية في 2022-2023، بلغت 13.5 مليون دولار. ويوجد حالياً 2300 كاميرا مثبّتة في جميع أنحاء الحرم الجامعي، بينما فازت الجامعة مؤخّراً بمنحة فيدرالية تبلغ قيمتها ما يقرب من مليون دولار لإنشاء مركز لتتبّع الجرائم في الوقت الذي يسمح للشرطة بمراقبة الكاميرات والبحث في قواعد البيانات. 

تكشف المعلومات عن قدرات إدارة شرطة جامعة إلينوي على المراقبة، من إحدى الحالات، حيث أرسل أحد المحقّقين في إدارة شرطة الكلية صوراً لطالب محتجّ إلى مركز مكافحة الإرهاب والاستخبارات التابع لشرطة ولاية إلينوي، وهو مركز اندماجي افتتح في عام 2003. وقد استخدمت الصور من إدارة شرطة جامعة إلينوي من خلال برنامج التعرّف إلى الوجه الذي يمتلكه مركز الاندماج لتحديد هوية الطالب بنجاح، ممّا أدّى إلى مقاضاته.

كذلك، وجد نشطاء من الطلّاب والمجتمع المدني أنّهُ منذ عام 2021 على الأقل، تعاقد مجلس أمناء جامعة إلينوي مع شركة "سيلبرايت"، وهي شركة مقرّها "إسرائيل" تبيع تكنولوجيا المراقبة وبرامج اختراق الهواتف المفضّلة لمكتب التحقيقات الفيدرالي. كما، جدّد المجلس مؤخراً عقده مع الشركة المذكورة لاستيراد، ما يعلن عنه للمرة الأولى على أنه "أداة لا غنى عنها في استخدامات محقّقي الطب الشرعي الرقمي".

يأتي تجديد عقد جامعة إلينوي بعد أكثر من عام من التطهير العرقي الإسرائيلي للفلسطينيين في غزّة، ليؤكّد التزام الإدارة بالمصالح الإسرائيلية في معارضة مباشرة لمخاوف الطلّاب والخرّيجين وأعضاء هيئة التدريس والناشطين المدنيين والحقوقيين. ويحاول الطلّاب تمرير استفتاءات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات في جامعة إلينوي منذ العام 2020 على الأقلّ، لكن بلا جدوى حتّى الآن. وتشعر لورين كنوتسن، وهي خرّيجة قلقة تحدّثت مؤخّراً لصالح سحب الاستثمارات في اجتماع مجلس الإدارة ربع السنوي، عن أنّ تجديد العقد هذا بمثابة صفعة على وجه الطلّاب الناشطين بعد كلّ ما حدث على مدار العام الماضي. وقالت إنّه على الرغم من أنّ الطلّاب كانوا يطلبون من جامعتهم الاستماع إليهم، "فإنّهم لا يزالون يتعرّضون للتجاهل".

مع أنّ شركة "سيلبريت" اتُهمت بتسهيل انتهاكات حقوق الإنسان من منظّمة العفو الدولي والنشطاء لسنوات، لم تتورّع إدارة الجامعة عن أن تكون زبوناً دائماً لديها، ورفع أرباح الشركة بشراء أدوات تجسّس بقيمة 54 مليون دولار، والتي يمكن تشغيلها في خدمة حملة ترامب الجارية على المهاجرين الآن.

كذلك، إنّ الشراكة بين جامعة إلينوي والشركة المذكورة هي أحد الأسلحة التي تمتلكها إدارة الجامعة لقمع حرّية التعبير للطلّاب، وهو نمط من السلوك دفع اتّحاد الحرّيات المدنية في إلينوي إلى إصدار خطاب لاذع قبل نحو شهرين إلى مسؤولي الجامعة. ذكر فيه من ضمن أمور أخرى أنّ جامعة إلينوي في إربانا شامبين بحاجة إلى ممارسة "قدر أعظم من ضبط النفس في فرض السياسات التي تقيّد نشاط الطلّاب.

مع ذلك، نفى مدير الاتصالات في الجامعة المذكورة بات ويد، استخدام برنامج شركة "سيليبرايت" للتجسّس، وقال إنّهم يستخدمونه لاستخراج المعلومات وتحليلها من الهواتف الخلوية" بناء على إذن قضائي، كما أكّد أنّ الجامعة "لا تزال ملتزمة بخلق بيئة تعزّز حرّية التعبير". وحاول موقع "تروث آوت"  التواصل مع شركة ""سيلبرايت"، إلّا أنّها لم تتجاوب.

ساعدت سانا سابوالا، عضو لجنة العمل الإسلامية في شامبين-أوربانا، في الكشف عن هذه الصلة بين الجامعة وشركة "سيليبرايت". كما قالت لموقع "تروث أوت"، لقد دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي ودائرة الهجرة والجمارك ملايين الدولارات لشركة "سيلبرايت"، التي يديرها أعضاء سابقون في "جيش" الدفاع الإسرائيلي، والآن أصبحت هذه الأدوات العسكرية في أيدي أنظمة فاسدة ودائرة الهجرة والجمارك وشرطة الحرم الجامعي لدينا، وهذا "أمر غير مقبول". وتقول سابوالا إنّ لجنة العمل الإسلامية كانت قلقة، لأنّ "المسلمين عانوا تاريخياً من المراقبة الجماعية في هذا البلد، وأن الاستثمار المستمرّ في تكنولوجيا المراقبة على المستويات كلّها، من الحرم الجامعي، إلى الشرطة المحلية، إلى الحكومة الفيدرالية يشكّل مصدر قلق للمجتمع المسلم".

وتشعر كاثرين كلانسي، الأستاذة في جامعة إلينوي والناشطة من أجل العدالة في فلسطين، بالانزعاج إزاء قرار الجامعة "بجعل مشاركة الطلّاب في الاحتجاجات بأمان أمراً مستحيلاً". وفي رأيها، فإنّ جزءاً مهمّاً من التعليم الجامعي يتلخّص في "تنمية الشجاعة، والدفاع عن شيء نؤمن به". وفي النهاية، يوضح ردّ الفعل على مخيّمات الاعتصام والاحتجاج، "أنّ الجامعات تهتمّ بممتلكاتها أكثر من اهتمامها بطلّابها".

نقله إلى العربية: حسين قطايا.