"ميدل إيست آي": كيف تصنع ألمانيا الفزّاعة الإسلامية؟

لقد أدّى عقد من الخطاب السام لأقصى اليمين الألماني إلى ترسيخ السرديات المعادية للمسلمين بشكل فعّال.

0:00
  • "ميدل إيست آي": كيف تصنع ألمانيا الفزّاعة الإسلامية؟

موقع "ميدل إيست آي" ينشر مقالاً للكاتب أندرياس كريغ، يتناول فيه الفيديو الذي نشرته وزارة الداخلية في بافاريا الألمانية، والذي يعزز الصور النمطية المعادية للإسلام، مشيراً في نصّه إلى الخطاب الألماني السامّ ضد الإسلام.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

إنّ ألمانيا تجد نفسها عند نقطة تحول تاريخية قد تعيد تعريف ما تمثّله وما تريد أن تعرضه للعالم. وقد أدّى عقد من الخطاب السام حول الهجرة والإسلام الذي دفعه المحرضون اليمينيون المتطرفون من حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) إلى تطبيع وتعميم السرديات والأيقونات التي تعتبر في الديمقراطيات الأخرى خطاب كراهية.

وكان أحد الأمثلة المروّعة بشكل خاص مقطع فيديو رسمي نشرته وزارة الداخلية في بافاريا تحت عنوان "فخ السلفية". وأظهرت الرسوم المتحركة التي تم حذفها منذ ذلك الحين رجلاً يرتدي زياً إسلامياً يتحدث إلى امرأة شابة في وسائل التواصل الاجتماعي عن مساحيق التجميل.

واتخذ الفيديو منعطفاً شريراً، إذ ركّز على ضحك الرجل الشرير فيما كان فمه الشيطاني يسحق الشابة التي ظهرت وهي تنتقل من الرقص في ملهى ليلي، إلى ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، إلى ارتداء النقاب والقيام بالأعمال المنزلية في جميع أنحاء المنزل، تحت سيطرة زوجها في الخلفية. ويمكن رؤية وجهها يتحول من السعادة إلى الحزن.

تشبه هذه الأيقونات الرسوم الكاريكاتورية المعادية للسامية التي نشرتها الصحيفة "Der Sturmer" في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين: الابتسامة الشريرة، ووصم "الآخر" بالشر.

في الوقت نفسه، تظهر الشابة المسلمة بريئة وساذجة وتابعة وغير قادرة على اتخاذ القرارات بنفسها، لأنها تحت تأثير الرجل الذي يجبرها على تغطية نفسها، وبالتالي تعزيز الصور النمطية المعادية للإسلام.

وتستند الرواية الأساسية إلى نظرية مؤامرة قديمة معادية للإسلام؛ ففي مقال نشره أحد المستشرقين عام 1913 تحت عنوان "خطر الوحدة الإسلامية"، رسم ألبرت إدواردز صورة قاتمة لمؤامرة عالمية إسلامية ضد القوى الغربية، إذ قدّم النشاط السياسي باسم الإسلام باعتباره تهديداً أساسياً للغرب.

وكما هي الحال في بلدان أوروبية أخرى، أصبح هذا النهج الواسع النطاق للإسلام السياسي مقبولاً على نطاق واسع في التيار الرئيسي الألماني.

وعلى غرار القصة التي رواها الفيديو الذي نشرته وزارة الداخلية البافارية، فإنّ أي اتصال بالخطاب الإسلامي يُصوَّر على أنّه يضع المشارك تلقائياً على حزام ناقل من الإسلاموية المعتدلة إلى الإرهاب.

إنّ "الفزاعة الإسلامية" هي رواية مبسّطة بشكل جميل في إثارة الخوف الشعبوي. من بين نحو 5.5 مليون مسلم في ألمانيا، يُقدّر أنّ نحو 12000 فقط هم من السلفيين المتطرفين، أي ما يعادل 0.2%. ومع ذلك، كلما ارتكب أفراد محرومون ومنبوذون جريمة عنيفة باسم الإسلام - كما حدث قبل أسبوعين في مدينة زولينجن - فإن التيار السياسي والإعلامي الرئيسي في ألمانيا يؤجج نيران الإسلاموفوبيا.

إنّ المسلمين يواجهون التحيز والكراهية والعنف، ليس من الأطراف السياسية المتطرفة فحسب، بل من أجزاء معتدلة من المجتمع أيضاً.

مقطع الفيديو الذي نشرته وزارة الداخلية ليس سوى أحد أعراض التحول الأوسع في الخطاب الألماني حول ما يعنيه أن تكون ألمانياً، وما هو الدور الذي يؤديه الإسلام في هذا النقاش. وبدلاً من منع التطرف، فإنّ مثل هذه الاتجاهات لن تؤدي إلا إلى تأجيج الاغتراب والحرمان بين ملايين المسلمين الذين يعتبرون ألمانيا وطنهم.