هل المشكلة وجود نتنياهو في حكم "إسرائيل"؟

الكيان الاستعماري الإحلالي العنصري في بنيته الجينية لا يمكن التعامل معه بالقطعة، إنما هو مُعاد، بحيث تصدق المقولة التاريخية: "إن صراعنا مع هذا الكيان هو صراع وجود، وليس صراع حدود".

  • الإسرائيليون يعتبرون أن المذابح بمنزلة أحد أركان نظرية الردع الإسرائيلي.
    الإسرائيليون يعتبرون أن المذابح بمنزلة أحد أركان نظرية الردع الإسرائيلي.

تابعت لفترة طويلة -سواء قبل معركة طوفان الأقصى وما استتبعها من حرب إبادة شنها "جيش" الاحتلال النازي الإسرائيلي أو أثناء المعركة- ميل معظم المحللين والمعلقين والمراقبين العرب على الشاشات الفضائية العربية إلى تركيز الضوء على دور رئيس الوزراء الإسرائيلي الدموي المتطرف بنيامين نتنياهو وسياساته الخطرة والضارة، بحيث بدا للبعض، وهم الأغلبية الغالبة –من دون ذكر أسماء– أن من شأن إزاحة هذا الرأس الشيطاني في قلب وعقل السلطة والحكومة اليمينية العنصرية في هذا الكيان أن تفتح الأبواب أو النوافذ -ولو قليلاً- لإيجاد حل سياسي لحرب الإبادة في غزة والضفة الغربية، وربما إلى فتح أفق لتسوية مقبولة ومعقولة في صفقة تبادل الأسرى بين حركات المقاومة في غزة (وفي طليعتها حركة حماس) والكيان الإسرائيلي. 

وغذت وسائل الإعلام الغربية وتصريحات بعض المسؤولين في الغرب -مثل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي (جوزيب بوريل) وتصريحاته المناوئة لعناد نتنياهو- هذا الميل لدى البعض.

والحقيقة أنَّ هذا النوع من التحليلات والتعليقات التي تقذف يومياً من الشاشات إلى عقول وقلوب عشرات الملايين من العرب وغير العرب، من المسلمين وغير المسلمين، يحرف البوصلة عن حقيقة هذا الكيان العنصري في جسده وعقله وروحه، وخصوصاً بعدما تظاهر عشرات الملايين من أحرار العالم في كل بقاع الأرض، وعلى مدى 4 أشهر أو يزيد في كل المدن والعواصم الغربية والأفريقية والآسيوية والأوروبية واللاتينية تأييداً للقضية الفلسطينية عموماً، واحتجاجاً على حجم الإجرام والوحشية التي تمارسها "إسرائيل" بكل مؤسساتها السياسية والعسكرية والإعلامية في قطاع غزة خصوصاً. 

ويمثل هذا الاتجاه توجيهاً خاطئاً وبوصلة منحرفة لجوهر وحقيقة البنية السياسية الإسرائيلية التي بدأت تاريخها منذ ما قبل عام 1948 بالمذابح والإجرام، واستمرت هكذا طوال 75 عاماً من الصراع العربي – الإسرائيلي على كل الجبهات والبلدان العربية المحيطة بها وغير المحيطة (تونس – العراق – السودان). 

ما جوهر الخلل في تلك المقولات التبسيطية؟ 

الحقيقة أن هذه المقولة تغفل مجموعة من الحقائق الجوهرية (التاريخية والراهنة) من قبيل: 

أولاً: إسقاط -دون وعي- حقيقة وجوهر النشأة الجينية والطبيعية لهذا الكيان وجرائمه. 

ثانياً: إغفال التحول الديموغرافي والأيديولوجي النوعي الذي جرى خلال الأعوام الأربعين الأخيرة.

ثالثاً: إغفال التحول في البنية السياسية والحزبية في الكيان الإسرائيلي. 

وإذا توقفنا عند جوهر وحقيقة نشأة هذا الكيان قبل إعلان الدولة العبرية في مايو عام 1948 أو بعده، نجد أن المبالغة في قتل المدنيين الفلسطينيين كانت السمة المميزة للجماعات الصهيونية المسلحة (من قبيل الهاغاناه، وزفاي ليومي، وشتيرن). وقد امتدت هذه المذابح إلى حد التخطيط والتنفيذ لعمليات إرهابية ضد حلفائهم من القوات البريطانية والقيادة العسكرية المحتلة مثلما حدث في تفجير مقر قيادة القوات البريطانية في فندق الملك داوود.

واستمر هذا النهج الجيني في كل هجمة وعدوان نفذته القوات الإسرائيلية على جيرانها: في الأردن (قرية السموع)، وفي لبنان وسوريا وغزة، وتكررت المذابح وقتل المدنيين في كل هذه الحالات التي تزيد على ألف ومئتي حالة غزو وعدوان ومذبحة بحق الجيران منذ عام 1947 حتى عشية العدوان الراهن على غزة منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ ارتكبت خلال 152 يوماً فقط أكثر من 2300 مذبحة، راح فيها أكثر من 35 ألف شهيد فلسطيني، علاوة على 71 ألف جريح ومصاب.

وقد اعتبر الإسرائيليون هذه المذابح للجيران العرب أو الفلسطينيين بمنزلة أحد أركان نظرية الردع الإسرائيلي، فعبر سياسة الرعب والتخويف يتحقق حلم بناء هذه الدولة العبرية. 

وهكذا يمكن القول إن نظرية الأمن الإسرائيلي تقوم على 5 أركان: 

الأول: التفوق النوعي على الأطراف العربية المعادية كماً ونوعاً في التسليح والحشد السريع. 

الثاني: امتلاك سلاح جوي قادر على تحقيق النصر وإيذاء الخصوم. 

الثالث: نقل المعركة -ومنذ اللحظة الأولى- إلى أرض الأعداء.

الرابعة: استخدام أساليب الحرب الخاطفة التي أتقنتها ألمانيا النازية. 

الخامسة: يضاف إلى ذلك المسكوت عنه دائماً في نظرية الأمن القومي الصهيوني والممارس دائماً، وهو تنفيذ المذابح في ساحات الخصوم والأعداء بين المدنيين حتى ترسخ في العقول والأذهان عناصر الرعب والتخويف.

ومن يراجع جلّ المعارك التي خاضها هذا الكيان العنصري قبل عام 1948 وبعده حتى يومنا هذا يكتشف هذه الحقيقة الراسخة التي لا تخطئها عين المراقب والمحلل والممارس للعمل العسكري والميداني، سواء على المستوى الاستراتيجي أو على المستوى العملياتي.

نأتي الآن إلى العامل الثاني في هذا التحول داخل الكيان المعزز لوحشية السلوك الإسرائيلي خلال العقود الأربعة الأخيرة، وتحديداً بعد اتفاقية أوسلو الموقعة في سبتمبر/ أيلول عام 1993، وهو التغير والتحول الديموغرافي والأيديولوجي النوعي المصاحب لزحف المستوطنين الجدد في الضفة الغربية ومحيط مدينة القدس، والذي تعزز بسبب ثلاثة عوامل:

 1- مصاحبات اتفاقية أوسلو بكل مفاسدها ورعونة القيادة الفلسطينية التي تولت فعلياً وعملياً ما يسمى السلطة الفلسطينية، والتي فتحت الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد عدوان الخامس من يونيو/حزيران عام 1967 وتركتها فريسة لعملية تفاوض عبثية، فأنشأت ثغرات في الحصون تحولت شيئاً فشيئاً إلى فجوات واسعة امتلأت بالزاحفين الجدد المشبعين بالروح الأيديولوجية اليمينية التوراتية.

2- انهيار الاتحاد السوفياتي بعد عام 1991، ومن قبله انهيار سور برلين في خريف عام 1989، وتفكّك دول الكتلة الشرقية الاشتراكية (حلف وارسو – مجموعة الكوميكون)، وما استتبعه من هجرات واسعة معززة بقوة مال ودعايات غربية وصهيونية هائلة حول الجنة الموعودة في الأراضي المقدسة وأرض الميعاد، بحيث بلغ عدد هؤلاء المهاجرين اليهود من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق في نهاية عام 2005 نحو مليون مهاجر، معظمهم من اليهود اليمينيين والمتشددين الذين استوطنوا واستعمروا أراضي الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلتين. 

3 - التفكك العربي الذي بدأه الرئيس المصري الأسبق أنور السادات بزيارته المشؤومة للقدس المحتلة في التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1977، وخروج مصر من ساحة المواجهة والصراع بتوقيعه اتفاقيتي كامب ديفيد في أيلول/سبتمبر عام 1978، وما يسمى "اتفاقية السلام المصرية – الإسرائيلية" في آذار/مارس عام 1979، وما صاحبهما من اتفاقيات تعاون في المجالات كافة تقريباً.

وبعدها، كرت السبحة، وخصوصاً بعد تورط العراق في غزو الكويت في آب/أغسطس عام 1991 وهزيمته وحصاره حتى بلغ الانهيار حد احتلاله في نيسان/أبريل عام 2003. وخلال هذه الفترة الحرجة وانكشاف المنطقة على تيارات سامة، وقعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية أوسلو في أيلول/سبتمبر عام 1993، وبعدها الأردن في اتفاقية وادي عربة في 26 تشرين الأول/أكتوبر عام 1994، وبعدها اخترقت "إسرائيل" كثيراً من الدول والحكومات العربية من خلال افتتاح مكاتب تجارية تخفي معاملات استخبارية في قطر والمغرب وتونس والإمارات وكردستان العراق. 

وهكذا، بدا الجسد العربي والعقل العربي هزيلاً، وافتضح الأمر كله حين قامت "إسرائيل" بعدوانها الوحشي على سكان قطاع غزة في كانون الأول/ديسمبر عام 2008 حتى أواخر كانون الثاني/يناير عام 2009، وعجز هذا الجسد العربي عن تلبية دعوة الشيخ حمد آل ثاني، حاكم قطر، لعقد اجتماع قمة عربي طارئ، فبدا الموقف هزلياً بقدر ما كان حزيناً وعاجزاً. 

ولم يتوقف مسلسل الانهيارات، سواء باحتلال العراق في نيسان/أبريل عام 2003 أو انقسام السودان إلى دولتين عام 2005 أو غزو ليبيا واحتلالها عام 2011، وكلها كانت تعزز هيمنة وسيطرة وزحف المستوطنين اليهود على الأراضي الفلسطينية مصحوبين بالحلم التوراتي المدعى به.

وقد تنبه مبكراً لهذه التحولات الديموغرافية / الأيديولوجية وتأثيرها في الخريطة السياسية بعض الباحثين الفلسطينيين، ومن أبرزهم الباحث خالد عايد في دراسته المنشورة في مجلة الدراسات الفلسطينية (العدد 23 صيف 1995)، المعنونة "الائتلاف الصهيوني الحاكم.. الوضع الداخلي والأداء السياسي"، والتي رصد من خلالها -بصورة استشرافية- ما جرى في الساحة الإسرائيلية من تحول سياسي مبكر إلى أقصى اليمين، فالساحة السياسية الإسرائيلية الحافلة تاريخياً بالانشقاقات وبناء الائتلافات الحزبية والانتخابية كانت قد بدأت تشهد تحولات واضحة نحو اليمين، فالمنشقون عن أحزاب اليسار كانوا غالباً ما يتجهون إلى اليمين. أما المنشقون عن أحزاب اليمين، فكانوا يتجهون إلى مزيد من اليمين والتطرف أو كما وصفها الدكتور مصطفى البرغوثي "بتعميق الطابع الفاشي" في "إسرائيل". 

وهكذا جاء تأثير العامل الثالث في خلق المشهد الراهن والتركيبة النازية المتطرفة في الكيان الإسرائيلي، وهو التحول في البنية السياسية والحزبية التي تتسم بتعدد الانشقاقات والائتلافات، بيد أن الجهاز السياسي الذي أدار هذه الدولة العنصرية اللقيطة (منذ عام 1948 حتى عام 1977 برغم كل خصائصه العدوانية) كان أقرب إلى ما يسمى اليسار الصهيوني والليبراليين، وفي مقدمتها حزب "الماباي" الذي كان واقعياً الذراع السياسية الأقوى للحركة العمالية الصهيونية الناشطة في فلسطين قبل تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948 بزعامة ديفيد بن غوريون.

 وقد ظل ممسكاً لفترة طويلة بالسلطة السياسية وقيادة الدولة عبر قيادته ائتلافات مع بعض الأحزاب الصغيرة، وتصدر القيادة مؤسس الدولة ديفيد بن غوريون الذي كان زعيم منظمة الهاجاناه والوكالة اليهودية (1948- 1953)، ثم من 1956 إلى 1963 (انظر الجدول المرفق).

وعام 1965، انشق ديفيد بن غوريون (مصطحباً معه 8 أعضاء بارزين) من قيادة الحزب، وكان من بينهم موشي ديان وشمعون بيريز، ليشكلوا حزباً جديداً باسم "رافي"، بسبب الخلاف حول النظام الانتخابي المعتمد عام 1965.

ورداً على هذا الانشقاق من أعضاء الحزب الثمانية بقيادة رئيس الحكومة السابق ديفيد بن غوريون، قامت قيادة حزب "الماباي" بتشكيل تحالف مع حزب أحدوت هاعفودا (وحدة العمل)، وأبرز شخصياتها الوزير والجنرال السابق ييغال آلون تحت اسم "التحالف العمالي"، ثم عاد "التحالف العمالي" -كما بات يعرف- بعد حرب حزيران/يونيو 1967 لضم حزب "رافي " إليه وكتلة جاحال اليمينية (صلبها حزب حيروت بزعامة بيغن) إلى الائتلاف الحكومي.

وبتاريخ 23 كانون الثاني/يناير 1968، اندمجت أحزاب الماباي وأحدوت هاعفودا ورافي – باستثناء ديفيد بن غوريون – في حزب واحد حمل اسم "حزب العمل الإسرائيلي"، ثم انضم إلى هذا التحالف العمالي حزب يساري صغير يسمى "المابام"، وهكذا تشكل حزب العمل المعروف حتى اليوم.

وبالتعاون مع هيئة النقابات العمالية (الهستدروت) والليبراليين العلمانيين في الحركة الصهيونية استمرت إدارة الدولة الصهيونية مستقرة إلى حدٍ ما، وتعاقب على قيادة الجهاز التنفيذي والسياسي لهذا الكيان الصهاينة العلمانيون واليسار الصهيوني المرتبطون بالحركة العمالية، وكان من أبرزهم ديفيد بن غوريون من 1948-1953، ثم من 1956-1963، ثم ليفي أشكول (1965- 1969) الذي تولى رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع وقبلها وزارة المالية ووزارة الزراعة، ومن بعده غولدا مائير (1969 - 1974) التي سبق أن تولت قبلها وزارة الخارجية، ثم وزارة الداخلية، وجاء بعدها يتسحاق رابين (1974 - 1977) و(1992-1995)، وكان قبلها رئيساً للأركان ووزيراً للدفاع.

وبعد اغتياله في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1995، جاؤوا بشمعون بيريس (1984 - 1986) و(1995- 1997)، الذي سبق أن تولى الكثير من الوزارات، منها الخارجية والدفاع والمالية، ثم تولى رئاسة الدولة (2003-2005). وكان آخر هذه السلسلة من قيادات حزب العمل والصهاينة العلمانيين إيهود باراك (1999 - 2001) الذي كان رئيساً للأركان ووزارة الدفاع ووزيراً للخارجية.

وكان من نتائج وتداعيات حرب تشرين الأول/أكتوبر عام 1973 وتعرض القيادة الإسرائيلية للاهتزاز أن بدأ التحول في المزاج السياسيى العام لمصلحة أحزاب وتحالفات قوى اليمين العلماني بقيادة حزب الليكود بزعامة مناحيم بيجين عام 1977 حتى عام 1983، والذي تعود جذوره الأيديولوجية اليمينية إلى حركة الصهاينة المراجعين والمتطرفين بزعامة زئيف جابوتنسكي. 

وانكسرت هيمنة حزب العمل وتحالفاته اليسارية والليبرالية لمصلحة اليمين الصهيوني، بداية من مناحيم بيجين، وبعده إسحاق شامير وآريل شارون، واتجه الجهاز العصبي الحساس لهذا الكيان إلى من هم عديمو الخبرة في إدارة شؤون الدولة، ويتملكهم تعصب يميني وديني يفوق التصور، كما أظهرته قيادة بنيامين نتنياهو منذ عام 1996 فصاعداً، حتى وصلنا إلى هذا الكيان النازي العنصري الذي يدير هذا الكيان حالياً. 

وحين يراجع المحلل قائمة الأسماء والشخصيات التي أدت دوراً قيادياً في هذا الكيان منذ عام 1948، من أمثال ديفيد بن غوريون وييغال آلون وموشيه ديان وآبا إيبان وعيزرا وايزمان وحاييم وايزمان وبنيامين بن إليعازر وحاييم هرتسوغ وزالمان شازار وأفرايم كاتزير ويتسحاق نافون وشمعون بيريس وإسحاق رابين ومناحم بيجين وغيرهم، برغم تاريخهم الإجرامي، ويقارنهم بهؤلاء الذين يديرون هذا الكيان تحت راية اليمين حالياً من أمثال بنيامين نتنياهو وإيتمار بن غفير وبتسلإيل سموتريش وإيف جالانت وبيني غانتس وجدعون ساعر وآرييه درعي ومنصور عباس وأفيغادور ليبرمان وإيلي كوهين وإسرائيل كاتس وياريف ليفين وحاييم كاتس وميري ريغيف، كمن يقارن بين الجنرال شارل ديغول وبين الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون أو بين مستشار ألمانيا كونراد إديناور أو المستشار هليموت كول أو المستشارة إنجيلا ميركل والمستشار الحالي شولتس أو بين الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور أو جون كينيدي والرئيس الأميركي الحالي جوزيف بايدن.

وقد أضاف تواضع التجربة السياسية والتنفيذية إلى هذا التحالف الحاكم في "إسرائيل" حالياً الميل العنصري المتطرف والخلفية الأيديولوجية التوراتية المغلقة المتوافقة مع التغير الجوهري في بنية المجتمع الإسرائيلي، وخصوصاً سكان المستوطنات في الضفة الغربية والشمال وغلاف غزة.

ومن يتأمَّل بدقة تصريحات أمثال بيني غانتس أو يائير لابيد أو غيرهما من المعارضين لنتنياهو وحكومته لن يجد فارقاً نوعياً على الإطلاق من حيث العنصرية والطبيعة العدوانية ضد العرب والفلسطينيين، وتأييد حرب الإبادة ضد شعب غزة والرغبة في التهجير القسري، سواء إلى سيناء أو غيرها من المناطق، وهو ما ينطبق على عمليات "التطفيش" ومحاولات التهجير المصحوبة بالعنف من جانب المستوطنين الصهاينة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

والخلاصة التي ينبغي أن نتمسك بها ونفهمها هي أن هذا الكيان الاستعماري الإحلالي العنصري في بنيته الجينية لا يمكن التعامل معه بالقطعة، إنما هو مُعاد، بحيث تصدق المقولة التاريخية: "إن صراعنا مع هذا الكيان هو صراع وجود، وليس صراع حدود".

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.