لَيّ الذراع المصرية للقبول بسرقة الصفقة

سد النهضة هو العصا الغليظة التي تهدف إلى إجبار النظام المصري على القبول بجزرة الأموال والقروض لإنشاء محطّات تحلية المياه وتمرير صفقة القرن.

  • لَيّ الذراع المصرية للقبول بسرقة الصفقة
    حصلت مصر على وعودِ فرنسية ـ دعمها اللوبي الصهيوني

بموجب صفقة القرن سوف تتنازل مصر عن مساحة 720 كيلومتراً مربعاً من أراضي سيناء تضاف إلى مساحة غزَّة، على أن تعوّض دولة الكيان الغاصب مصر بمساحة 600 كيلومتر مربع جنوب غرب صحراء النقب وخصوصاً في منطقة وادي فيران.

وحال موافقة مصر على التنازل عن المساحة المذكورة من سيناء وقبولها التعويض الصهيوني من الأراضي الفلسطينية المُحتلة، سوف يقابل ذلك بموافقة الكيان الغاصب على إجراء تعديلات محدودة في الملحق العسكري لاتفاقية كامب ديفيد والتي تُقيّد حركة الجيش المصري على سيناء، بحيث تستطيع القيادة المصرية أن تقول للشعب المصري بأن تنازلها عن نسبة 1% من مساحة سيناء سوف يؤمِّن لها أن تبسط سيادتها بالكامل على سيناء بالشكل الذي يسمح بتواجد قوات مصرية على الحدود ويؤمِّن المصالح الاقتصادية المزعومة لمصر.

هذا بالإضافة إلى الوعود التي حصلت عليها القيادة المصرية من البنك الدولي بقروض بمليارات الدولارات خلال السنوات القادمة من أجل افتتاح مشاريع تحلية المياه وتنقيتها، وتعهّد صهيوني بالمساهمة في تلك المشاريع من خلال خبراتها المُكتسبة في مجال المياه.

وقد حصلت مصر على وعودِ فرنسية ـ دعمها اللوبي الصهيوني هناك ـ بمساعدتها على الحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية من خلال بناء مُفاعلات نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية .

تتضمن بروتوكولات حُكماء صهيون ما كُتِبَ على لوحة توراتية عند مدخل الكنسيت الإسرائيلي بأن "حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل".

وقد حاولت "إسرائيل" الوصول إلى منابع النيل لتضييق الخناق على مصر من خلال توثيق علاقتها مع إثيوبيا ـ باعتبارها الرئة التي تتنفّس من خلالها "إسرائيل" بحسب وصف بن غوريون ـ منذ مطلع خمسينات القرن الماضي. لقد جرى تشجيع وتمويل وتدريب وتسليح الحركة الانفصالية في جنوب السودان، حتى تم فصله عن السودان بضغطٍ مباشرٍ على الرئيس عمر البشير عام 2011م وأصبح الجنوب مرتعاً مباشراً لنشاط إسرائيلي خطير يستهدف مصر ونيلها بالدرجة الأولى.

وعندما كان الرئيس جمال عبدالناصر يتفاوض مع الاتحاد السوفياتي لبناء السد العالي، أوصت واشنطن ـ بضغطٍ من اللوبي الصهيوني ـ الحكومة الإثيوبية ببناء العديد من السدود على النيل الأزرق وشرع بعض الخبراء الإسرائيليين والأميركيين في وضع عدد من الدراسات المائية لإقامة ما يُقارب 40 سداً على ضفاف النيل الأزرق، بهدف تحويل مجراه في إثيوبيا، بتمويلٍ من البنك الدولي، بما يؤثّر على حصّة مصر من مياه النيل.

كما قدّم الكيان الصهيوني نفسه خدماته إلى دول حوض النيل باعتباره مالِكاً للتكنولوجيا والتقنية التي تساهم في الاستخدام الأمثل والاستفادة من الموارد المائية الموجودة، وأرسل خبراءه في مجالات المياه والطاقة والزراعة إليها من أجل تقديم الخبرات. 

ونلاحظ الاهتمام الصهيوني بدول حوض النيل من خلال تكثيف مسؤولي الكيان الصهيوني زياراتهم إلى دول شرق أفريقيا وحوض النيل، ومنها زيارة رئيس الوزراء نتنياهو في يوليو/تموز عام 2016 إلى إثيوبيا ورواندا وكينيا وأوغندا، وقد توّج نتنياهو زياراته التطبيعية باللقاء مع عبدالفتاح البرهان في 4 فبراير/شباط الماضي في مدينة عنتيبي في أوغندا برعايةٍ إماراتية مُعلنة. 

وبذلك باتت معظم دول الحوض تحت مظلّة الكيان الصهيوني وتعتمد على الخبرة الإسرائيلية في مجال المياه والطاقة وعلى سبيل المثال: أسندت إثيوبيا مهمة إدارة الكهرباء في سد النهضة إلى شركة إسرائيلية، فضلاً عن وجود شركة أمن إسرائيلية أخرى تقوم بحماية السد، وقد زوّد الكيان الصهيوني إثيوبيا بصواريخ مُتطوّرة للدفاع عن سد النهضة حال تعرّضه لهجومٍ مصري.

لقد حقّقت إثيوبيا كامل أهدافها على طريق السيطرة على مياه النيل الأزرق وبدعمٍ صهيوني واضحٍ من خلال سد النهضة، وهذا هو المضمون والأهم، أما التفاوض على ملء خزّان السد فهو الشكل المهم الذي التهى به النظام المصري بعد أن فقد المضمون الأهم، فبناء سد النهضة سوف يؤثّر على حصّة مصر من مياه النيل بمقدار الثلث وسوف يُحرَم الكثير من الأراضي الزراعية على حوض النيل في مصر من المياه وتتصحّر، وسيفقد الكثير من المزارعين مصدر رزقهم وسوف تستخدم إثيوبيا المياه كسلاحٍ ـ خصوصاً في أوقات الجفاف ـ بما يخدم المصالح الصهيونيّة استراتيجياً في الضغط على القاهرة وليّ ذراعها في التوقيع على صفقة القرن كي تضمن الأخيرة الحصول على الأموال والقروض لإقامة محطّات تحلية المياه التي سوف تعوّض ما يحجبه سد النهضة. ما سبق يؤكّد أن سد النهضة هو العصا الغليظة التي سوف تُجبِر النظام المصري للقبول بجزرة الأموال والقروض لإنشاء محطّات تحلية المياه وتمرير صفقة القرن.

وفي ظنّي أن ذلك سوف ينجح ما لم تخرج القيادة المصرية من مظلّة السياسة الساداتية (نسبة إلى أنور السادات) وتبعيّتها للسياسة الخليجية المُتصهينة، وترسم سياساتها بما يخدم الأمن القومي المصري وليس الأمن القومي السعودي والإماراتي.

مشروع جديد تعمل "إسرائيل" ومن خلفها داعميها في الولايات المتحدة الأميركية عبره على المزيد من الاحتلال للأرض الفلسطينية وتشريد أهلها، عبر مخطط الضم في الضفة الغربية.